للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حفر في ليلة مباركة، وساعة سعيدة، فتركه على حاله.

وكان ابتداء وضعه مع وضع أساس سور القاهرة في ليلة الأربعاء الثامن عشر من شعبان سنة ثمان وخمسين وثلثمائة، وركّب عليه بابان يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من جمادى الأولى سنة تسع وخمسين، ثم إنه أدار عليه سورا محيطا به في سنة ستين وثلثمائة، وهذا القصر كان دار الخلافة، وبه سكن الخلفاء إلى آخر أيامهم، فلما انقرضت الدولة على يد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، أخرج أهل القصر منه وأسكن فيه الأمراء، ثم خرب أوّلا فأوّلا.

وذكر ابن عبد الظاهر في كتاب خطط القاهرة عن مرهف بوّاب باب الزهومة «١» أنه قال: أعلم هذا الباب المدّة الطويلة، وما رأيته دخل إليه حطب، ولا رمي منه تراب قال:

وهذا أحد أسباب خرابة، لوقود أخشابه، وتكوين ترابه، قال: ولما أخذه صلاح الدين، وأخرج من كان به كان فيه اثنا عشر ألف نسمة، ليس فيهم فحل إلا الخليفة، وأهله وأولاده، فأسكنهم دار المظفر بحارة برجوان «٢» ، وكانت تعرف: بدار الضيافة، قال: ووجد إلى جانب القصر بئر تعرف ببئر الصنم، كان الخلفاء يرمون فيها القتلى، فقيل: إنّ فيها مطلبا، وقصد تغويرها، فقيل: إنها معمورة بالجانّ، وقتل عمارها جماعة من أشياعه، فردمت وتركت، انتهى.

وكان صلاح الدين لما أزال الدولة أعطى هذا القصر الكبير لأمراء دولته، وأنزلهم فيه، فسكنوه وأعطى القصر الصغير الغربيّ لأخيه الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب، فسكنه وفيه ولد له ابنه الكامل ناصر الدين محمّد، وكان قد أنزل والده نجم الدين أيوب بن شادي في منظرة اللؤلؤة، ولما قبض على الأمير داود ابن الخليفة العاضد، وكان وليّ عهد أبيه، وينعت بالحامد لله اعتقله وجميع إخوته، وهم: أبو الأمانة جبريل، وأبو الفتوح، وابنه أبو القاسم، وسليمان بن داود بن العاضد، وعبد الوهاب بن إبراهيم بن العاضد، وإسماعيل بن العاضد، وجعفر بن أبي الطاهر بن جبريل، وعبد الظاهر بن أبي الفتوح بن جبريل بن الحافظ وجماعة، فلم يزالوا في الاعتقال بدار المظفر وغيرها إلى أن انتقل الكامل محمد بن العادل من دار الوزارة بالقاهرة إلى قلعة الجبل، فنقل معه ولد العاضد وإخوته

<<  <  ج: ص:  >  >>