للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو قصر المعز لدين الله معدّ، وبنى قصر الذهب العزيز بالله نزار بن المعز، وكان يدخل إليه من باب الذهب الذي كان مقابلا للدار القطبية التي هي اليوم المارستان المنصوريّ، ويدخل إليه أيضا من باب البحر الذي هو الآن تجاه المدرسة الكاملية، وجدّد هذا القصر من بعد العزيز الخليفة المستنصر في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، وبهذه القاعة كانت الخلفاء تجلس في الموكب يوم الاثنين، ويوم الخميس، وبها كان يعمل سماط شهر رمضان للأمراء، وسماط العيدين، وبها كل سرير الملك.

هيئة جلوس الخليفة بمجلس الملك: قال الفقيه أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن زولاق في كتاب سيرة المعز: وكان وصول المعز لدين الله إلى قصره بمصر في يوم الثلاثاء لسبع خلون من شهر رمضان سنة اثنتين وستين وثلثمائة، ولما وصل إلى قصره خرّ ساجدا، ثم صلى ركعتين وصلى بصلاته كل من دخل معه، واستقرّ في قصره بأولاده وحشمه، وخواص عبيده، والقصر يومئذ يشتمل على ما فيه من عين، وورق، وجوهر، وحلى، وفرش، وأوان، وثياب وسلاح، وأسفاط وأعدال، وسروج ولجم، وبيت المال بحاله بما فيه، وفيه جميع ما يكون للملوك، وللنصف من رمضان جلس المعجز في قصره على السرير الذهب الذي عمله عبده القائد جوهر في الإيوان الجديد، وأذن بدخول الأشراف أوّلا، ثم أذن بعدهم للأولياء، ولسائر وجوه الناس، وكان القائد جوهر قائما بين يديه يقدّم الناس قوما بعد قوم، ثم مضى القائد جوهر، وأقبل بهديته التي عباها ظاهرة يراها الناس، وهي:

من الخيل مائة وخمسون فرسا مسرجة ملجمة منها مذهب، ومنها مرصع، ومنها معنبر، وإحدى وثلاثون قبة على نوق بخاتي بالديباج، والمناطق والفرش منها تسعة بديباج مثقل، وتسع نوق مجنوبة مزينة بمثقل، وثلاثة وثلاثون بغلا منها سبعة مسرجة ملجمة، ومائة وثلاثون بغلا للنقل، وتسعون نجيبا، وأربعة صناديق مشبكة، يرى ما فيها، وفيها أواني الذهب والفضة، ومائة سيف محلى بالذهب والفضة، ودرجان من فضة مخرقة فيها جوهر، وشاشية مرصعة في غلاف وتسعمائة ما بين سفط وتخت فيها سائر ما أعدّ له من ذخائر مصر.

وفي يوم عرفة نصب المعز الشمسية التي عملها للكعبة على إيوان قصره، وسعتها:

اثنا عشر شبرا في اثني عشر شبرا، وأرضها ديباج أحمر، ودورها اثنا عشر هلال ذهب، في كل هلال أترجة ذهب مسبك، جوف كل أترجة خمسون درة كبار كبيض الحمام، وفيها الياقوت الأحمر، والأصفر، والأزرق، وفي دورها كتابة آيات الحج بزمرّذ أخضر قد فسر، وحشو الكتابة در كبير لم ير مثله، وحشو الشمسية: المسك المسحوق يراها الناس في القصر، ومن خارج القصر لعلوّ موضعها، وإنما نصبها عدّة فرّاشين، وجرّوها لثقل وزنها.

وقال في كتاب الذخائر والتحف: وما كان بالقصر من ذلك إن وزن ما استعمل من الذهب الإبريز الخالص في سرير الملك الكبير، مائة ألف مثقال وعشرة آلاف مثقال ووزن

<<  <  ج: ص:  >  >>