إليه ما أرباب الرواتب عليه من القلق للامتناع من إيجاباتهم، وحمل خروجاتهم، قد ضعفت قلوبهم، وقنطت نفوسهم، وساءت ظنونهم، شملهم برحمته ورأفته، وأمنهم مما كانوا وجلين من مخافته، وجعل التوقيع بذلك بخط يده تأكيدا للإنعام والمنّ، وتهنئة بصدقة لا تتبع بالأذى والمنّ، فليعتمد في ديوان الجيوش المنصورة إجراء ما تضمنت هذه الأوراق ذكرهم على ما ألفوه، وعهدوه من رواتبهم، وإيجابها على سياقها لكافتهم من غير تأوّل، ولا تعنت ولا استدراك ولا تعقب وليجروا في نسبياتهم على عادتهم لا ينقض من أمرهم ما كان مبرما، ولا ينسخ من رسمهم ما كان محكما، كرما من أمير المؤمنين، وفعلا مبرورا، وعملا بما أخبر به عز وجل في قوله تعالى: إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً
[الإنسان/ ٩] ولينسخ في جميع الدواوين بالحضرة إن شاء الله تعالى.
وقال في كتاب كنز الدرر: إن في سنة ست وأربعمائة: عرض على الحاكم بأمر الله الاستيمار باسم المتفقهين، والقرّاء، والمؤذنين بالقاهرة ومصر، وكانت الجملة في كل سنة: أحدا وسبعين ألف دينار، وسبعمائة، وثلاثة وثلاثين دينارا وثلثي دينار وربع دينار، فأمضى جميع ذلك.
وقال ابن المأمون: وأما الاستيمار، فبلغني ممن أثق به أنه كان في الأيام الأفضلية اثني عشر ألف دينار، وصار في الأيام المأمونية لاستقبال سنة ست عشرة، وخمسمائة ستة عشر ألف دينار، وأما تذكر الطراز، فالحكم فيها مثل الاستيمار، والشائع فيها أنها كانت تشمل في الأيام الأفضلية على أحد وثلاثين ألف دينار، ثم اشتملت في الأيام المأمونية على ثلاثة وأربعين ألف دينار، وتضاعفت في الأيام الآمرية، وعرض روزنامج بما أنفق عينا من بيت المال في مدّة أوّلها محرّم سنة سبع وعشرة وخمسمائة، وآخرها: سلخ ذي الحجة منها في العساكر المسيرة لجهاد الفرنج برّا، والأساطيل بحرا، والمنفق في أرباب النفقات من الحجرية والمصطيعية والسودان على اختلاف قبوضهم، وما ينصرف برسم خزانة القصور الزاهرة، وما يبتاع من الحيوان برسم المطابخ، وما هو برسم منديل الكمّ الشريف في كل سنة، مائة دينار، والمطلق في الأعياد والمواسم، وما ينعم به عند الركوبات من الرسوم والصدقات، وعند العود منها، وثمن الأمتعة المبتاعة من التجار على أيدي الوكلاء والمطلق برسم الرسل، والضيوف، ومن يصل متسأمنا، ودار الطراز، ودار الديباج، والمطلق برسم الصلاة والصدقات، ومن يعتدي للإسلام، وما ينعم به على الولاة عند استدامهم في الخدم، ونفقات بيت المال، والعمائر وهو من العين: أربعمائة ألف وثمانية وستون ألفا، وسبعمائة وسبعة وتسعون دينارا ونصف من جملة: خمسمائة ألف وسبعة وستين وألفا، ومائة وأربعين دينارا ونصف، يكون الحاصل بعد ذلك مما يحمل إلى الصناديق الخاص برسم المهمات لما يتجدّد من تسفير العساكر، وما يحمل إلى الثغور عند نفاد ما بها: ثمانية وتسعين ألفا، ومائة وسبعة وتسعين دينارا وربعا وسدسا، ولم يكن يكتب من بيت المال وصول، ولا مجرى ولا