والفاطميّ، والإمام الحاضر، وما يهتمّ به، وقدم العهد به حتى نسي ذكرها، فأخذ الأستاذون يجدّدون ذكرها للخليفة الآمر بأحكام الله، ويردّدون الحديث معه فيها، ويحسنون له معارضة الوزير بسببها، وإعادتها، وإقامة الجواري والرسوم فيها، فأجاب إلى ذلك، وعمل ما ذكر.
وقال ابن الطوير: ذكر جلوس الخليفة في الموالد الستة في تواريخ مختلفة، وما يطلق فيها، وهي مولد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ومولد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، ومولد فاطمة عليها السلام، ومولد الحسن، ومولد الحسين عليهما السلام، ومولد الخليفة الحاضر، ويكون هذا الجلوس في المنظرة التي هي أنزل المناظر، وأقرب إلى الأرض قبالة دار فخر الدين جهاركس، والفندق المستجدّ، فإذا كان اليوم الثاني عشر من ربيع الأوّل، تقدّم بأن يعمل في دار الفطرة عشرون قنطارا من السكر اليابس حلواء يابسة من طرائفها، وتعبى في ثلثمائة صينية من النحاس، وهو مولد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فتفرّق تلك الصواني في أرباب الرسوم من أرباب الرتب، وكل صينية في قوارة من أوّل النهار إلى ظهره.
فأوّل أرباب الرسوم قاضي القضاة، ثم داعي الدعاة، ويدخل في ذلك القرّاء بالحضرة، والخطباء والمتصدّرون بالجوامع بالقاهرة، وقومة المشاهد، ولا يخرج ذلك مما يتعلق بهذا الجانب بدعو يخرج من دفتر المجلس كما قدّمناه، فإذا صلى الظهر ركب قاضي القضاة، والشهود بأجمعهم إلى الجامع الأزهر، ومعهم أرباب تفرقة الصواني، فيجلسون مقدار قراءة الختمة الكريمة، ثم يستدعي قاضي القضاة، ومن معه فإن كانت الدعوة مضافة إليه، وإلّا حضر الداعي معه بنقباء الرسائل، فيركبون ويسيرون إلى أن يصلوا إلى آخر المضيق من السيوفيين قبل الابتداء بالسلوك بين القصرين، فيقفون هناك، وقد سلكت الطريق على السالكين من الركن المخلق، ومن سويقة أمير الجيوش عند الحوض هناك، وكنست الطريق فيما بين ذلك، ورشت بالماء رشا خفيفا، وفرش تحت المنظرة المذكورة بالرمل الأصفر.
ثم يستدعى صاحب الباب من دار الوزارة، ووالي القاهرة ماض، وعائد لحفظ ذلك اليوم من الازدحام على نظر الخليفة، فيكون بروز صاحب الباب من الركن المخلق هو وقت استدعاء القاضي ومن معه من مكان وقوفهم، فيقربون من المنظرة، يترجلون قبل الوصول إليها بخطوات، فيجتمعون تحت المنظرة دون الساعة الزمانية بسمت وتشوّف لانتظار الخليفة، فتفتح إحدى الطاقات، فيظهر منها وجهه، وما عليه من المنديل، وعلى رأسه عدّة من الأستاذين المحنكين، وغيرهم من الخواص منهم، ويفتح بعض الأستاذين طاقة، ويخرج منها رأسه ويده اليمنى في كمه، ويشير به قائلا: أمير المؤمنين يردّ عليكم السلام، فيسلم بقاضي القضاة أوّلا بنعوته وبصاحب الباب بعده كذلك، وبالجماعة الباقية جملة جملة