للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراية، فيرفع صاحب المجلس الستر فيخرج من كان عند الخليفة للخدمة منهم، وفي إثرهم يبرز الخليفة بالهيئة للشروح حالها في لباسه الثياب المعروضة عليه، والمنديل الحامل لليتيمة بأعلى جبهته، وهو محنك مرخي الذؤابة مما يلي جانيه الأيسر، ويتقلد بالسيف المغربي وبيده قضيب الملك، وهو طول شبر ونصف من عود مكسوّ بالذهب المرصع بالدرر والجوهر، فيسلم على الوزير قوم مرتبون لذلك، وعلى أهله على الأمراء بعدهم، ثم يخرج أولئك أوّلا فأوّلا، والوزير يخرج بعد الأمراء فيركب ويقف قبالة باب القصر بهيئته.

ويخرج الخليفة وحواليه الأستاذون ودابته ماشية على بسط مفروشة خيفة من زلقها على الرخام، فإذا قارب الباب، وظهر وجهه ضرب رجل ببوق لطيف من ذهب معوج الرأس يقال له: الغربية، بصوت عجيب يخالف أصوات البوقات، فإذا سمع ذلك ضربت الأبواق في الموكب، ونشرت المظلة، وبرز الخليفة من الباب، ووقف وقفة يسيرة بمقدار ركوب الأستاذين المحنكين وغيرهم من أرباب الرتب الذين كانوا بالقاعة للخدمة، وسار الخليفة وعلى يساره صاحب المظلة، وهو يبالغ أن لا يزول عنها ظلها، ثم يكتنف الخليفة مقدّمو صبيان الركاب منهم، اثنان في الشكيمة، واثنان في عنق الدابة من الجانبين، واثنان في ركابه فالأيمن مقدّم المقدّمين، وهو صاحب المقرعة التي يتناولها، ويناولها، وهو المؤدّي عن الخليفة مدّة ركوبه الأوامر، والنواهي، ويسير الموكب بالحث.

فأوّله الأمراء وأولادهم، وأخلاط بعض العسكر الأماثل إلى أرباب القصر إلى أرباب الأطواق إلى الأستاذين المحنكين إلى حامل اللوائين من الجانبين إلى حامل الدواة، وهي بينه وبين قربوس السرج إلى صاحب السيف، وهما في الجانب الأيسر كل واحد ممن تقدّم ذكره بين عشرة إلى عشرين من أصحابه، ويحجبه أهل الوزير المقدّم ذكرهم من الجانب الأيمن بعد الأستاذين المحنكين، ثم يأتي الخليفة، وحواليه صبيان الركاب المذكورة، تفرقة السلاح فيهم، وهم أكثر من ألف رجل، وعليهم المناديل الطبقيات، ويتقلدون بالسيوف، وأوساطهم مشدودة بمناديل، وفي أيديهم السلاح مشهور، وهم من جانبي الخليفة كالجناحين المادّين وبينهما فرجة لوجه الفرس ليس فيها أحد، وبالقرب من رأس الصقلبيان الحاملان للمذبتين، وهما مرفوعتان كالنخلتين لما يسقط من طائر وغيره، وهو سائر على تؤدة، ورفق وفي طول الموكب من أوّله إلى آخره والي القاهرة مارّ وعائد، يفسح الطرقات ويسير الركبان فيلقي في عوده الإسفهسلار كذلك مارا وعائدا لحث الأجناد في الحركة والإنكار على المزاحمين المعترضين، ويلقي في عوده صاحب الباب، ومروره في زمرة الخليفة إلى أن يصل إلى الإسفهسلار، فيعود لترتيب الموكب، وحراسة طرقات الخليفة، وفي يد كل منهم دبوس، وهو راكب خير دوابه وأسرعها، هذا لمن أمام الموكب، ثم يسير خلف دابة الخليفة قوم من صبيان

<<  <  ج: ص:  >  >>