الركاب لحفظ أعقابه، ثم عشرة يحملون عشرة سيوف في خرائط ديباج أحمر وأصفر بشراريب غزيرة يقال لها: سيوف الدم برسم ضرب الأعناق ثم يسير بعدهم صبيان السلاح الصغير، أرباب الفرنجيات المقدّم ذكرهم.
ثم يأتي الوزير في هيبة، وفي ركابه من أصحابه قوم يقال لهم: صبيان الزرد من أقوياء الأجناد يختارهم لنفسه ما مقداره خمسمائة رجل من جانبيه بفرجة لطيفة أمامه، دون فرجة الخليفة، وكأنه على وفز من حراسة الخليفة، ويجتهد أن لا يغيب عن نظره، وخلفه الطبول والصنوج والصفافير، وهو مع عدّة كثيرة تدوي بأصواتها وحسّها الدنيا، ثم يأتي حامل الرمح المقدّم ذكره ودرقته حمراء.
ثم طوائف الراجل من الركابية والجيوشية، وقبلهما المصامدة، ثم الفرنجية، ثم الوزيرية زمرة زمرة في عدّة وافرة تزيد على أربعة آلاف في الوقت الحاضر، وهم أضعاف ذلك، ثم أصحاب الرايات والسبعين، ثم طوائف العساكر من الآمرية والحجرية الكبار، والحافظية، والحجرية الصغار المنقولين، والأفضلية والجيوشية، ثم الأتراك المصطنعون، ثم الديلم، ثم الأكراد، ثم الغز المصطنعة، وقد كان تقدّم هؤلاء الفرسان عدّة وافرة من المترجلة أرباب قسيّ اليد، وقسيّ الرجل في أكثر من خمسمائة، وهم المعدّون للأساطيل، ويكون من الفرسان المقدّم ذكرهم ما يزيد على ثلاثة آلاف، وهذا كله بعض من كل.
فإذا انتهى الموكب إلى المكان المحدود، عادوا على أدراجهم، ويدخلون من باب الفتوح، ويقفون بين القصرين بعد الرجوع، كما كانوا قبله، فإذا وصل الخليفة إلى الجامع الأقمر بالقماحين اليوم وقف وقفة بجملته في موكبه، وانفرج الموكب للوزير، فيتحرّك مسرعا ليصير أمام الخليفة، حتى يدخل بين يديه فيمرّ الخليفة، ويسكع «١» له سكعة ظاهرة، فيشير الخليفة للسلام عليه إشارة خفية، وهذه أعظم مكارمة تصدر عن الخليفة، ولا تكون إلّا للوزير صاحب السيف، وسبقه إلى دخول باب القصر راكبا على عادته إلى موضعه، ويكون الأمراء، قد نزلوا قبله لأنهم في أوائل الموكب، فإذا وصل الخليفة إلى باب القصر، ودخله ترجل الوزير، ودخل قبله الأستاذون المحنكون، وأحدقوا به، والوزير أمام وجه الفرس مكان ترجله إلى الكرسيّ الذي ركب منه، فينزل عليه ويدخل إلى مكانه بعد خدمة المذكورين له، فيخرج الوزير، ويركب من مكانه الجاري به على عادته، والأمراء بين يديه، وأقاربه حواليه، فيركبون من أماكنهم ويسيرون صحبته إلى داره، فيدخل وينزل أيضا إلى مكانه على كرسيّ فتخدمه الجماعة بالوداع، ويتفرّق الناس إلى أماكنهم.