منزلته، وخلّق العمود «١» ، ودعا الخليفة على فوره، وركب البحر في العشاري الفضيّ، والوزير صحبته، والرهجية تخدم برّا وبحرا، والعساكر طول البرّ قبالته إلى أن وصل إلى المقس، ورتب الموكب، وقدم العشاري بالخليفة الآمر بأحكام الله، والوزير المأمون، وسار الموكب، والرهجية تخدم، والصدقات، والرسوم تفرّق، ودخل من باب القنطرة، وقصد باب العيد، واعتمد ما جرت به العادة من تقديم الوزير، وترجله في ركابه إلى أن دخل من باب العيد إلى قصره، وتقدّم بالخلع على ابن أبي الردّاد: بدلة مذهبة، وثوب ديبقيّ حريريّ، وطيلسان مقوّر، وبياض مذهب، وشقة سقلاطون، وشقة تحتانيّ، وشقة خز، وشقة ديبقيّ، وأربعة أكياس دراهم، ونشرت قدّامه الأعلام الخاص الديبقيّ المحاومة بالألوان المختلفة التي لا ترى إلّا قدّامه لأنها من جملة تجمل الخليفة، وأطلق له برسم المبيت من البخور والشموع، والأغنام، والحلاوات كثير.
قال: وهيئت المقصورة في منظرة السكرة برسم راحة الخليفة، وتغيير ثيابه وقد وقعت المبالغة في تعليقها، وفرشها وتعبيتها، وقدّم بين يديه الصواني الذهب التي وقع التناهي فيها من همم الجهات من أشكال الصور الآدمية، والوحشية من الفيلة، والزرافات، ونحوها المعمولة من الذهب والفضة والعنبر والمرسين «٢» المشدود والمظفور عليها المكلل باللؤلؤ، والياقوت والزبرجد من الصور الوحشية ما يشبه الفيلة. جميعها عنبر معجون كخلفة الفيل، وناباه فضة، وعيناه جوهرتان كبيرتان في كل منهما مسمار ذهب مجرى سواده وعليه سرير منجور من عود بمتكآت فضة وذهب، وعليه عدّة من الرجال ركبان، وعليهم اللبوس تشبه الزرديات وعلى رؤوسهم الخود، وبأيديهم السيوف المجرّدة، والدرق وجميع ذلك فضة، ثم صور السباع منجورة من عود، وعيناه ياقوتتان حمراوان، وهو على فريسته، وبقية الوحوش، وأصناف تشدّ من المرسين المكلل باللؤلؤ شبه الفاكهة.
قال: ومن جملة ما وقع الاهتمام به في هذا الموسم ما صار يستعمل في الطراز، وإن لم يتقدّم نظيره للولائم التي تتخذ برسم تغطية الصواني عدّة من عراضي ديبقيّ، ثم قوّارات شرب تكون من تحت العراضي على الصواني مفتح كل قوّارة منهنّ دون أربعة أشبار سلف كل واحدة منهنّ خمسة عشر دينارا، ورقم في كل منهنّ سجف ذهب عراقيّ ثمنه: من أربعين إلى ثلاثين دينارا، تكون الواحدة بخمسين دينارا، ويستعمل أيضا برسم الطرح من فوق القوّارات الإسكندرانيّ التي تشدّ على الموائد التي تحمل من عند كل جهة قوّارات ديبقيّ مقصور من كل لون محاومة بالرقم الحريريّ، مفتح كل قوّارة أربعة أذرع يكون الثمن عن كل واحدة: أربعين دينارا، ولقد بيعت عدّة من القوّارات الشرب، فسارع التجار