الصناعة والمنظرة، وصار موضعهما الآن بستانا كان يعرف ببستان ابن كيسان، ويعرف في زمننا هذا الذي نحن فيه الآن ببستان الطواشي، وهو بأوّل مراغة مصر، تجاه غيط الجرف على يسرة من يسلك من المراغة يريد الكيارة، وباب مصر.
قال ابن المأمون: وكانت جميع مراكب الأساطيل ما تنشأ إلّا بالصناعة التي بالجزيرة، فأنكر الوزير المأمون ذلك، وأمر بأن يكون إنشاء الشواني، وغيرها من المراكب النيلة الديوانية بالصناعة بمصر، وأضاف إليها دار الزبيب، وأنشأ المنظرة بها واسمه باق إلى الآن عليها، وقصد بذلك أن يكون حلول الخليفة يوم تقدمة الأساطيل، ورميها بالمنظرة المذكورة وأن يكون ما ينشأ من الجراني، والشلنديات في الصناعة بالجزيرة.
قال: ولما وفى النيل ستة عشر ذراعا ركب الخليفة والوزير إلى الصناعة بمصر، ورميت العشاريات بين أيديهما، ثم عدّيا في إحداها إلى المقياس.
وقال ابن الطوير: الخدمة في ديوان الجهاد، ويقال له: ديوان العمائر، وكان محله بصناعة الإنشاء بمصر للأسطول والمراكب الحاملة للغلات السلطانية، والأحطاب وغيرها، وكانت تزيد على خمسين عشاريا، ويليها عشرون ديماسا «١» ، منها عشرة برسم خاص الخليفة أيام الخليج وغيرها، ولكل منها رئيس، ونواتيّ «٢» لا يبرحون ينفق فيهم من مال هذا الديوان، وبقية العشاريات الدواميس «٣» برسم ولاة الأعمال المميزة، فهي تجرّ لهم، وينفق في رؤسائها ورجالها أينما كانوا من مال هذا الديوان، وتقيم مع أحدهم مدّة مقامه، فإذا صرف عاد فيه، وخرج المتولي الجديد في العشاري المرسي بالصناعة، ولا يخرج إلا بتوقيع بإطلاقه، والإنفاق فيه، وللمشارفين بالأعمال عشاريات دون هذه، وفي هذا الديوان برسم خدمة ما يجري في الأساطيل نائبان من قبل مقدّم الأسطول، وفيه من الحواصل لعمارة المراكب شيء كثير، وإذا لم يف ارتفاعه بما يحتاج إليه استدعى له من بيت المال يسدّ خلله.
قال: وكان من أهم أمورهم احتفالهم بالأساطيل والأجناد، ومواصلة إنشاء المراكب بمصر والإسكندرية ودمياط من الشواني الحربية والشلنديات، والمسطحات «٤» إلى بلاد الساحل حين كانت بأيديهم مثل صور وعكا وعسقلان، وكانت جريدة قوّاده أكثر من خمسة آلاف مدوّنة منهم عشرة أعيان تصل جامكية كل منهم إلى عشرين دينارا، ثم إلى خمسة عشر، ثم إلى عشرة دنانير، ثم إلى ثمانية، ثم إلى دينارين، وهي أقلها، ولهم إقطاعات