المرتاحية، فإلى يومنا هذا فيما بين سويقة أمير الجيوش وباب القنطرة زقاق يعرف بدرب الفرحية، والفرحية كانت طائفة من جملة عبيد الشراء، وكانت عبيد الشراء عدّة طوائف وهم: الفرحية والحسينية والميمونية ينسبون إلى ميمون وهو أحد الخدّام.
حارة فرج بالجيم: كانت تعرف قديما بدرب النميري، ثمّ عرفت بالأمير جمال الدين فرج من أمراء بني أيوب. وهي الآن داخلة في درب الطفل من خط قصر الشوك.
حارة قائد القوّاد: هذه الحارة تعرف الآن بدرب ملوخيا «١» ، وكانت أوّلا تعرف بحارة قائد القوّاد، لأن حسين بن جوهر الملقّب قائد القوّاد كان يسكن بها فعرفت به. وهو حسين بن القائد جوهر أبو عبد الله الملقّب بقائد القوّاد. لما مات أبوه جوهر القائد خلع العزيز بالله عليه وجعله في رتبة أبيه ولقّبه بالقائد بن القائد، ولم يتعرّض لشيء مما تركه جوهر، فلمّا مات العزيز وقام من بعده ابنه الحاكم استدناه ثم إنه قلّده البريد والإنشاء في شوّال سنة ستّ وثمانين وثلثمائة، وخلع عليه وحمله على فرس بموكب، وقاد بين يديه عدّة أفراس، وحمل معه ثيابا كثيرة. فاستخلف أبا منصور بشر بن عبيد الله بن سورين الكاتب النصرانيّ على كتابة الإنشاء، واستخلف على أخذ رقاع الناس وتوقيعاتهم أمير الدولة الموصلي. ولما تقلّد برجوان النظر في تدبير الأمور وجلس للوساطة بعد ابن عمّار. كان الكافة يلقونه في داره ويركبون جميعا بين يديه من داره إلى القصر ما خلا القائد الحسين ومحمد بن النعمان القاضي، فإنهما كانا يسلّمان عليه بالقصر فقط. فلما قتل الحاكم الأستاذ «٢» برجوان كما تقدّم خلع على القائد حسين لثلاث عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة تسعين وثلثمائة ثوبا أحمر وعمامة زرقاء مذهّبة، وقلّده سيفا محلّى بذهب، وحمله على فرس بسرج ولجام من ذهب، وقاد بين يديه ثلاثة أفراس بمراكبها، وحمل معه خمسين ثوبا صحاحا من كلّ نوع، وردّ إليه التوقيعات والنظر في أمور الناس وتدبير المملكة كما كان برجوان، ولم يطلق عليه اسم وزير، فكان يبكّر إلى القصر ومعه خليفته الرئيس أبو العلاء فهد بن إبراهيم النصراني- كاتب برجوان- فينظران في الأمور ثمّ يدخلان وينهيان الحال إلى الخليفة، فيكون القائد جالسا وفهد من خلفه قائما. ومنع القائد الناس أن يلقوه في الطريق أو يركبوا إليه في داره وأنّ من كان له حاجة فليبلغه إياها بالقصر، ومنع الناس من مخاطبته في الرقاع بسيدنا، وأمر أن لا يخاطب ولا يكاتب إلا بالقائد فقط، وتشدّد في ذلك لخوفه من غيرة الحاكم، حتّى أنّه رأى جماعة من القوّاد الأتراك قياما على الطريق ينتظرونه، فأمسك عنان فرسه ووقف وقال لهم: كلّنا عبيد مولانا صلوات الله عليه