فلمّا كان ليلة التاسع من ذي القعدة فرّ حسين بأولاده وصهره وجميع أموالهم وسلاحهم، فسيّر الحاكم الخيل في طلبهم نحو دجوة «١» فلم يدركهم وأوقع الحوطة على سائر دورهم، وجعلت للديوان المفرد، وهو ديوان أحدثه الحاكم يتعلّق بما يقبض من أموال من يسخط عليه، وحمل سائر ما وجد لهم بعد ما ضبط، وخرجت العساكر في طلب حسين ومن معه، وأشيع أنّه قد صار إلى بني قرّة بالبحيرة، فأنفدت إليه الكتب بتأمينه واستدعائه إلى الحضور، فأعاد الجواب بأنه لا يدخل ما دام أبو نصر ابن عبدون النصرانيّ الملقّب بالكافي ينظر في الوساطة ويوقّع عن الخليفة، فإنّي أحسنت إليه أيام نظري فسعى بي إلى أمير المؤمنين ونال منّي كلّ منال، ولا أعود أبدا وهو وزير. فصرف ابن عبدون في رابع المحرّم سنة إحدى وأربعمائة، وقدم حسين بن جوهر ومعه عبد العزيز بن النعمان وسائر من خرج معهما، فخرج جميع أهل الدولة إلى لقائه وتلقّته الخلع فأفيضت عليه وعلى أولاده وصهره، وقيّد بين أيديهم الدواب، فلمّا وصلوا إلى باب القاهرة ترجّلوا ومشوا ومشى الناس بأسرهم إلى القصر فصاروا بحضرة الحاكم، ثمّ خرجوا وقد عفا عنهم، وأذن لحسين أن يكاتب بقائد القوّاد ويكون اسمه تاليا للقبه، وأن يخاطب بذلك. وانصرف إلى داره فكان يوما عظيما، وحمل إليه جميع ما قبض له من مال وعقار وغيره، وأنعم عليه وواصل الركوب هو وعبد العزيز بن النعمان إلى القصر، ثم قبض عليه وعلى عبد العزيز واعتقلا ثلاثة أيام، ثمّ حلفا أنّهما لا يغيبان عن الحضرة، وأشهدا على أنفسهما بذلك، وأفرج عنهما، وحلف لهما الحاكم في أمان كتبه لهما. فلما كان في ثاني عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعمائة ركب حسين وعبد العزيز على رسمهما إلى القصر، فلمّا خرج للسلام على الناس قيل للحسين وعبد العزيز وأبي علي أخي الفضل: اجلسوا لأمر تريده الحضرة منكم، فجلس الثلاثة، وانصرف الناس فقبض عليهم وقتلوا «٢» في وقت واحد، وأحيط بأموالهم وضياعهم ودورهم، وأخذت الأمانات والسجلات التي كتبت لهم. واستدعي أولاد عبد العزيز «٣» بن النعمان وأولاد حسين «٤» بن جوهر ووعدوا بالجميل وخلع عليهم، وجملوا والله يفعل ما يشاء.