قال ابن عبد الظاهر: خان السبيل بناه الأمير بهاء الدين قراقوش، وأرصده لابنا السبيل والمسافرين بغير أجرة، وبه بئر ساقية وحوض انتهى. وأدركنا هذا الخط في غاية العمارة، يعمل فيه عرصة تباع بها الغلال، وكان فيه سوق يباع فيه الخشب ويجتمع الناس هناك بكرة كل يوم جمعة، فيباع فيه من الأوز والدجاج ما لا يقدر قدره، وكانت فيه أيضا عدة مساكن ما بين دور وحوانيت وغيره، وقد اختل هذا الخط.
خط بستان ابن صيرم: هذا الخط أيضا خارج باب الفتوح مما يلي الخليج وزقاق الكحل، كان من جملة حارة البيازرة، فانشأه زمام القصر المختار الصقلبي بستانا، وبني فيه منظرة عظيمة، فلما زالت الدولة الفاطمية استولى عليه الأمير جمال الدين سويخ بن صيرم أحد أمراء الملك الكامل فعرف به، ثم اختط وصار من أجل الأخطاط عمارة تسكنه الأمراء والأعيان من الجند، ثم هو الآن آيل إلى الدثور.
خط قصر ابن عمار: هذا الخط من جملة حارة كتامة، وهو اليوم درب يعرف بالقماحين، وفيه حمام كرائي، ودار خوند شقرا، يسلك إليه من خط مدرسة الوزير كريم الدين بن غنام، ويسلك منه إلى درب المنصوري، وابن عمار هذا هو أبو محمد الحسن بن عمار بن عليّ بن أبي الحسن الكلبي من بني أبي الحسب، أحد أمراء صقلية، وأحد شيوخ كتامة، وصاه العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله لما احتضر هو والقاضي محمد بن النعمان على ولده أبي علي منصور، فلما مات العزيز بالله واستخلف من بعده ابنه الحاكم بأمر الله، اشترط الكتاميون وهم يومئذ أهل الدولة أن لا ينظر في أمورهم غير أبي محمد بن عمار بعدما تجمعوا، وخرج منهم طائفة نحو المصلى وسألوا صرف عيسى بن مشطورس، وأن تكون الوساطة لابن عمار، فندب لذلك وخلع عليه في ثالث شوّال سنة خمس وسبعين وثلاثمائة وقلد بسيف من سيوف العزيز بالله، وحمل على فرس بسرج ذهب، ولقّب بأمين الدولة، وهو أوّل من لقب في الدولة الفاطمية من رجال الدولة، وقيّد بين يديه بحدّة دواب، وحمل معه خمسون ثوبا من سائر البز الرفيع، وانصرف إلى داره في موكب عظيم، وقرىء سجله، فتولى قراءته القاضي محمد بن النعمان بجلوسه للوساطة وتلقيبه بأمين الدولة، والزم سائر الناس بالترجّل إليه، فترجّل الناس بأسرهم له من أهل الدولة، وصار يدخل القصر راكبا، ويشق الدواوين ويدخل من الباب الذي يجلس فيه خدم الخليفة الخاصة، ثم يعدل إلى باب الحجرة التي فيها أمير المؤمنين الحاكم فينزل على بابها ويركب من هناك، وكان الناس من الشيوخ والرؤساء على طبقاتهم يبكرون إلى داره فيجلسون في الدهاليز بغير ترتيب والباب مغلق، ثم يفتح فيدخل إليه جماعة من الوجوه ويجلسون في قاعة الدار على حصير وهو جالس في مجلسه، ولا يدخل له أحد ساعة، ثم يأذن لوجوه من حضر كالقاضي ووجوه شيوخ كتامة والقوّاد فتدخل أعيانهم، ثم يأذن لسائر الناس فيزدحمون عليه، بحيث لا يقدر أحد أن يصل إليه، فمنهم من يومي بتقبيل الأرض ولا يردّ السلام على