يوم التّحالق، فكانت الدّبرة لبكر على بنى تغلب فتفرّقوا على ذلك اليوم وتلك الوقعة، وتبدّدوا فى البلاد، أعنى بنى تغلب، وانتشرت بكر بن وائل وعنزة وضبيعة باليمامة، فيما بينها وبين البحرين، إلى أطراف سواد العراق ومناظرها، وناحية الأبلّة، إلى هيت وما والاها من البلاد، وانحازت النّمر وغفيلة إلى أطراف الجزيرة وعانات وما دونها، إلى بلاد بكر بن وائل وما خلفها من بلاد قضاعة، من مشارق «١» الأرض، فقال الأخنس بن شهاب التّغلبىّ، وكان رئيسا شاعرا، يذكر منازل القبائل:
لكلّ أناس من معدّ عمارة ... عروض إليها يلجئون وجانب
لكيز لها البحران والسّيف كلّه ... وإن يغشها بأس من الهند «٢» كارب
تطاير على أعجاز حوش كأنّها ... جهام أراق ماءه فهو آئب
وبكر لها برّ العراق وإن تشأ ... يحل دونها من اليمامة حاجب
وصارت تميم بين قفّ ورملة ... لها من حبال منتأى ومذاهب
وكلب لها خبت ورملة عالج ... إلى الحرّة الرّجلاء حيث تحارب
وبهراء حىّ قد علمنا مكانهم ... لهم شرك حول الرّصافة لاحب
وغارت إياد بالسّواد ودونها ... برازيق عجم تبتغى من تضارب
ونحن أناس لا حجاز «٣» بأرضنا ... مع الغيث ما نلقى ومن هو عازب «٤»