فلم تزل أولاد معدّ فى منازلهم هذه، كأنّهم قبيلة واحدة، فى اجتماع كلمتهم، وائتلاف أهوائهم، تضمّهم المجامع، وتجمعهم المواسم، وهم يد على من سواهم، حتى وقعت الحرب بينهم، فتفرّقت جماعتهم، وتباينت مساكنهم.
قال مهلهل يذكر اجتماع ولد معدّ فى دارهم بتهامة، وما وقع بينهم من الحرب:
غنيت دارنا تهامة «١» فى الدّهر ... وفيها بنو معدّ حلولا
فتساقوا كأسا أمرّت عليهم ... بينهم يقتل العزيز الذّليلا
فأوّل حرب وقعت بينهم: أنّ حزيمة بن نهد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة، كان يتعشّق فاطمة بنت يذكر بن عنزة بن أسد ابن ربيعة بن نزار، وكان اجتماعهم فى محلّة واحدة، وتفرّقهم النّجع فيظعنون، فقال حزيمة.
إذا الجوزاء أردفت الثّريّا ... ظننت بآل فاطمة الظّنونا
ظننت بها وظنّ المرء حوب ... وإن أوفى وإن سكن الحجونا
وحالت دون ذلك من همومى ... هموم تخرج الشّجن الدّفينا
أرى ابنة يذكر ظعنت فحلّت ... جنوب الحزن يا شحطا مبينا
فبلغ شعره ربيعة، فرصدوه، حتى أخذوه فضربوه، ثمّ التقى حزيمة ويذكر، وهما ينتحيان «٢» القرظ، فوثب حزيمة على يذكر، فقتله، وفيه