قال: وهو سواده وشخوصه «١» ؛ يقال سدير إبل، وسدير نخل. هذا قول محمد بن حبيب. وقال الأصمعىّ وغيره: السّدير بالفارسيّة: سه دلّى، كان له ثلاث شعب. والخورنق: خورنقاه «٢» ، أى الموضع الذي يأكل فيه الملك ويشرب.
وكان سبب بناء الخورنق أن يزدجرد بن سابور كان لا يبقى له ولد، فسأل عن منزل مرىء، صحيح من «٣» الأدواء، فذكر له ظهر «٤» الحيرة، فدفع ابنه بهرام جور إلى النّعمان، وأمره ببناء الخورنق مسكنا «٥» له، فبناه فى عشرين حجّة؛ يدلّ على ذلك قول عبد العزّى «٦» بن امرئ القيس الكلبىّ:
جزانى جزاه الله شرّ جزائه ... جزاء سنمّار وما كان ذا ذنب
سوى رصّه البنيان عشرين حجّة ... يعالى «٧» عليه بالقراميد والسّكب
السّكب: ما يسكب عليه من الصاروج. وسنمّار: هو الذي بنى الخورنق، فلما فرغ من بنائه عجبوا من حسنه، وإتقان عمله؛ فقال: لو علمت أنّكم تؤتونى أجرى «٨» ، وتصنعون بى ما أنا أهله، لبنيته بناء يدور مع الشمس حيث دارت. فقال النّعمان: وإنّك لقادر على أن تبنى أفضل منه ولم «٩» تبنه! فأمر به فطرح من أعلى الخورنق، فضربت به العرب المثل «١٠» . قال سليط بن سعد:
جزى بنوه أبا غيلان عن كبر ... وحسن فعل كما يجزى سنمّار