ومزارع وأشجار، فبينا هو يدور فيه، إذ بصر برقعة ملصقة، فأمر أن تقلع، فقلعت، فإذا فيها «١» :
أيا منزلّا بالدير أصبح خاليا ... تلاعب فيه شمأل ودبور
كأنك لم يسكنك بيض أوانس ... ولم يتبختر فى فنائك حور
وأبناء أملاك عباشم سادة ... صغيرهم عند الأنام كبير
إذا لبسوا أدراعهم فمنابس ... وإن لبسوا تيجانهم فبدور
على أنهم يوم اللّقاء ضراغم ... وأنهم يوم العطاء بحور
وحولك رايات لهم وعساكر ... وخيل لها بعد الصهيل شخير
ليالى هشام فى الرّصافة قاطن ... وفيك ابنه يا دير وهو أمير
إذ العيش غضّ والخلافة لذّة «٢» ... وأنت طرير والزمان غرير
وروضك مرتاض، ونورك نيّر ... وعيش بنى مروان فيك نضير
بلى، فسقاك الغيث صوب غمامة ... عليك لها بعد الرّواح بكور
تذكرت قومى خاليا فبكيتهم ... بشجو، ومثلى بالبكاء جدير
وعزّيت نفسى وهى نفس إذا جرى ... لها ذكر قومى أنّة وزفير
لعلّ زمانا جار يوما عليهم ... له بالذى تهوى النفوس يدور
فيفرح محزون، وينعم بائس ... ويطلق من ضيق الوثاق أسير
قال: فلما قرأها المتوكل ارتاع لها «٣» وتطيّر، وقال: أعوذ بالله من سوء أقداره «٤» ثم دعا بصاحب الدير، فقال له «٥» : من كتب هذه الرّقعة؟ فأقسم أنه لا يدرى.