ويؤويها الصّريخ إلى طحون ... كقرن الشّمس أو كصفا الأطيط «١»
فلم تزل جرم ونهد بتلك البلاد وهى على ذلك الحلف، حتى أظهر الله الإسلام، ومن هنالك هاجر من هاجر منهم، وبها بقيّتهم.
وأقامت قبائل سعد هذيم بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة، بمنازلها من وادى القرى والحجر والجناب وما والاها من البلاد، فانتشروا فيها، وكثروا بها، وتفرّقوا أفخاذا وقبائل، فكان فى عذرة بن سعد- وأمّه: عاتكة بنت مرّ بن أدّ بن طابخة بن إلياس بن مضر- العدد والشّرف، ومنهم رزاح بن ربيعة، أخو قصىّ بن كلاب لأمّه، وفيهم كان بيت بنى عذرة بن سعد- وأمّه: فاطمة بنت سعد بن سيل.
قال: وكان أهل وادى القرى وما والاها اليهود يومئذ، كانوا نزلوها قبلهم على آثار من آثار ثمود والقرون الماضية، فاستخرجوا كظائمها، وأساحوا عيونها، وغرسوا نخلها وجنانها، فعقدوا بينهم حلفا وعقدا، وكان لهم فيها على اليهود طعمة وأكل فى كلّ عام، ومنعوها لهم من العرب، ودفعوا عنها قبائل بلىّ ابن عمرو بن الحاف بن قضاعة، وغيرهم من القبائل.
وقد كان النّعمان بن الحارث الغسّانىّ أراد أن يغزو ووادى القرى وأهله «٢» ، وأجمع على ذلك، فلقيه نابغة بنى ذبيان، واسمه زياد بن معاوية، فأخبره خبرهم، وحذره إياهم، ليصدّه عنهم، وذكر بأسهم وشدّتهم ومنعهم بلادهم، ودفعهم عنها من أرادها، وقال فى ذلك.
لقد قلت للنّعمان يوم لقيته ... يريد بنى حنّ ببرقة صادر
تجنّب بنّى حنّ فإنّ لقاءهم ... كريه وإن لم تلق إلّا بصابر