عاصم بن عمر بن الخطّاب لأمّه، وجدّ الأحوص الشاعر لأبيه، حتّى إذا كانوا بالرجيع، ويقال، بالهدأة، وهما متجاوران، بين عسفان ومكّة، ذكر أمرهم لحىّ من هذيل، يقال لهم بنو لحيان، فنفروا لهم بقريب من مئة رجل رام، فاقتصّوا آثارهم، فأدركوهم، فقتلوا فى ذلك اليوم عاصم بن ثابت، وأسروا خبيبا وابن الدّثنة، وأرادوا أن يحتزّوا رأس عاصم بن ثابت، فحمته الدّبر، وغلبتهم عليه، فلم يستطيعوا الوصول إليه، قال الأحوص:
وأنا ابن الذي حمت لحمه الدّبر قتيل اللّحيان يوم الرجيع هكذا رواه البخارىّ، عن عمر بن أسيد «١» ، عن أبى هريرة؛ فلمّا كانوا «٢» بالهدأة (بفتح الهاء وإسكان الدال المهملة، بعدها همزة مفتوحة «٣» ) وإنّما أرادت بنو لحيان احتزاز رأس عاصم، ليييعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد، أمّ مسافع والجلاس ابنى طلحة، وكان عاصم قتلهما يوم أحد، فنذرت إن أمكنها الله من رأس عاصم أن تشرب فيه الخمر؛ وكان عاصم قد عاهد الله ألّا يمس مشركا أبدا ولا يمسّه تنجّسا، فمنعه الله منهم. وروى أيضا أن الله بعث الوادى فاحتمل عاصما، فذهب به؛ وقول الأحوص يشهد أنّ الدّبر حمته، وكذلك قول حسّان:
لحى الله لحيانا فليست دماؤهم ... لنا من قتيلى غدرة بوفاء
هم قتلوا يوم الرّجيع ابن حرّة ... أخا ثقة فى ودّه وصفاء
فلو قتلوا يوم الرّجيع بأسرهم ... بذى «٤» الدّبر ما كانوا له بكفاء