بدارة عسعس درجت عليها ... سوافى الريح بدءا وارتجاعا
وقد دخل فى حمى ضريّة حقوق لسبعة أبطن من بنى كلاب، وهم أكثر الناس أملاكا فى الحمى، ثم حقوق غنىّ. ولمّا ولى أبو للعبّاس السّفّاح وكانت تحته أمّ سلمة المخزوميّة، وأمّها من بنى جعفر «١» ، وكان خالها معروف بن عبد الله ابن حبّان «٢» ابن سلمى بن مالك، فوفد إلى أبى العبّاس، فأكرمه وقضى حوائجه، فسأله معروف أن يقطعه ضريّة وما سقت، ففعل، فنزلها معروف، وكان من وجوه بنى جعفر، وكان ذا نعم كثير، فغشيه الضّيفان، وكثروا، وجعل يجنى لهم الرّطب، ويحلب اللبن، فأقام كذلك شهرين، ثم أتاه ضيفان بعد ما ولّى الرّطب، فأرسل رسوله، فلم يأته إلّا بشىء يسير قليل، فأنكر ذلك عليه، فقال: ما فى نخلك رطب، فإنّه قد ذهب. فقال: ثكلتك أمّك! أما هو إلّا ما أرى. والله لشولى أعود على ضيفانى وعيالى من نخلكم هذا، قبحه الله من مال. وأتاه قيّمه هناك بقثّاء وبطّيخ، فقال: قبح ما جئت به! احذر أن يراه أهلى، فأسوءك «٣» . فكره معروف ضريّة، وأراد أن يبيعها، فذكرها للسّرى بن عبد الله الهاشمىّ، وهو يومئذ عامل اليمامة، وقد دخل إليه معروف، فاشتراها منه بألفي دينار، وغلّتها تنتهى فى العام ثمانية آلاف درهم وأزيد.
ثم إن جعفر بن سليمان كتب إلى السّرىّ أن يولّيه إيّاها بالثمن، ففعل، وورثها عنه بنوه، واشترى سليمان أكثر سهمان من بقى فيها، فعامّتها اليوم لولد سليمان بن جعفر.