فدفعت بنو عامر الطائف إلى ثقيف، بذلك الشرط، فأحسنت ثقيف عمارتها، فكانت بنو عامر تجىء أيّام الصّرام، فتأخذ نصف الثمار كلّها كيلا، وتأخذ ثقيف النصف الثانى، وكانت عامر وثقيف تمنع الطائف ممّن أرادهم.
فلبثوا بذلك زمانا من دهرهم، حتى كثرت ثقيف، فحصّنوا الطائف، وبنوا عليها حائطا يطيف بها، فسمّيت الطائف، فلما قووا بكثرتهم وحصونهم، امتنعوا من بنى عامر، فقاتلتهم بنو عامر، فلم تصل إليهم، ولم يقدروا عليهم، ولم تنزل العرب مثلها دارا.
فقال الأجشّ بن مرداس بن عمرو بن عامر بن سيار «١» بن مالك بن حطيط ابن جشم بن قسىّ يذكر الطائف:
فقد جرّبتنا قبل عمرو بن عامر ... فأخبرها ذو رأيها وحليمها
وقد علمت إن قالت الحق أنّنا ... إذا ما انثنت صعر الخدود نقيمها
نقرّبها حتى يلين شريسها ... ويرجع للحقّ المبين ظلومها
علينا دلاص من تراث محرّق ... كلون السماء زينتها نجومها
وقال كنانة بن عبد ياليل بن عمرو بن عمير بن عوف بن غيرة بن عوف ابن قسيّ، يفخر بالطائف ويذكر فضلها:
كأنّ الله لم يؤثر علينا ... غداة تجزّأ الأرض اقتساما
عرفنا سهمنا فى الكفّ يهوى ... لدى وجّ وقد قسم السهاما
فلمّا أن أبان لنا اصطفينا ... سنام الأرض إنّ لها سناما