استشهاد القادة الثلاثة، وممن قال بهذا القول ابن سعد في الطبقات: ٢/ ١٣٠.
القسم الثالث: قال بأن كل فئة انحازت عن الأخرى، وممن ذهب إلى هذه المقالة ابن إسحاق في السيرة، وأيده على مقالته ابن القيم في زاد المعاد.
والرأي الذي أميل إليه وأرجحه هو رأي القسم الأول القائل بأن المسلمين قد انتصروا في غزوة مؤتة لوجود مرجحات لهذا القول من حديثي أنس بن مالك ﵁، وعوف بن مالك الأشجعي سأوردهما فيما يلي:
٦٢٢ - أما حديث أنس ﵁"أن النبي ﷺ نعى زيدًا وجعفرًا وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: (أخذ الراية زيدًا فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب -وعيناه تذرفان- حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم)(١).
وموطن الشاهد قوله ﵇:(حتى فتح الله عليهم)، في هذا دلالة على أن النصر والفتح كان بجانب المسلمين حين تولى خالد بن الوليد القيادة وتسلم الراية، وقد جاءت هذه اللفظة من حديث عبد الله بن جعفر الذي سيأتي برقم:٦٢٩.
٦٢٣ - وأما حديث عوف بن مالك الأشجعي ﵁ قال: "خرجت مع من خرج مع زيد بن حارثة من المسلمين في غزوة مؤتة، ووافقني مددي من اليمن ليس معه غير سيفه، فنحر رجل من المسلمين جزورًا، فسأله المددي طابقة من جلده، فأعطاه إياه فاتخذه كهيئة الدرقة، ومضينا، فلقينا جموع الروم، وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سرج مذهب وسلاح مذهب، فجعل الرومي يُغري بالمسلمن، وقعد له المددي خلف صخرة، فمر به الرومي، فعرقب فرسه فخر وعلاه فقتله، وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله للمسلمين بعث إليه خالد ابن الوليد فأخذ من السلب، قال عوف: فأتيته فقلت: يا خالد أما علمت أن رسول الله ﷺ قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى ولكني استكثرته. فقلت: لتردَّنه
(١) أخرجه البخاري في المغازي باب غزوة مؤتة حديث رقم: ٤٢٦٢، وانظر أرقام البخاري التالية: ١٢٤٦، ٢٧٩٨، ٣٠٦٣، ٣٦٣٠، ٣٧٥٧، والبيهقي في الجنائز: ٤/ ٧٠، وأبو نعيم في الدلائل رقم: ٤٥٨، وأحمد في المسند: ٣/ ١١٣، ١١٧ - ١١٨، والبغوي في شرح السنة: ١١/ ٣، رقم: ٢٦٦٧، والنسائي في السنن: ٤/ ٢٦، كتاب الجنائز باب النعي وجاء لفظ النسائي دون ذكر تولي سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم.