للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحي من الأنصار منها شيء. قال: (فأين أنت من ذلك يا سعد؟) قال: يا رسول الله، ما أنا إلا من قومي، قال: (فأجمع لي قومك في هذه الحظيرة) (١).

قال: فخرج سعد، فجمع الأنصار في تلك الحظيرة. قال: فجاء رجال من المهاجرين، فتركهم فدخلوا، وجاء آخرون فرده. فلما اجتمعوا له أتاه سعد، فقال: قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول ، فحمد لله، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: (يا معشر الأنصار: ما قالة بلغتني عنكم، وجدة (٢) وجدتموها علي في أنفسكم؟ الم آتكم ضلالًا فهداكم الله، وعالة (٣) فأغناكم الله، وأعداء فألف الله بين قلوبكم!) قالوا: بلى، الله ورسوله أمن وأفضل.

ثم قال: (ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟) قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله؟ لله ولرسوله المن والفضل. قال : (أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم، ولصُدقتم: أتيتنا مكذبًا فصدقناك، ومخذولًا (٤) فنصرناك، وطريدًا فآويناك. وعائلًا فآسيناك (٥)؟

وجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة (٦) من الدنيا تألفت بها قومًا ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمَّد بيده، لولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار، ولو سلك الناس شعبًا، وسلكت الأنصار شعبًا: لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار) (٧).


(١) الحظيرة: شبيه الزريبة التي تصنع للإبل والماشية لتمنعها، وتكف عنها العوادي.
(٢) الموجدة: العتاب.
(٣) عالة: جمع عائل: الفقير.
(٤) مخذولًا: متروكًا.
(٥) آسيناك: أعطيناك حتى جعلناك كأحدنا.
(٦) لعاعة: بقلة خضراء ناعمة شبه بها زهرة الدنيا ونعيمها.
(٧) أخرجه أحمد: ٣/ ٧٦ - ٧٧ - ٨٩، ابن جرير: ٢/ ٣٦٠، ٣٦١ وعبد الرزاق في المصنف: ١١/ ٦٤، وأبو يعلى كما في مجمع الزوائد: ١٠/ ٣٠، وأسانيدهم صحيحة، ابن كثير في سيرته: ٣/ ٦٧٨، ٦٧٩، ابن هشام في السيرة: ٢/ ٤٩٨ - ٤٩٩، وسنده صحيح.

<<  <   >  >>