ذكر الحافظ ابن حجر ﵀ في الفتح فوائد نفيسة استخلصها من هذه الحادثة وما قال الرسول ﷺ للأنصار، وما قالوا له، أذكرها لعظيم نفعها، وجزالة معانيها، ولما احتوته في طياتها من الخير العظيم، قال ﵀: وبعد شرحه حديث عبد الله بن زيد وبيانه للكثير من معانيه.
وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم: إقامة الحجة على الخصم، وإفحامه بالحق عند الحاجة إليه، وحسن أدب الأنصار في تركهم المحاورة، والمبالغة في الحياء، وبين أن الذي نقل عنهم إنما كان عن شبانهم لا عن شيوخهم وكهولهم.
وفيه مناقب عظيمة لهم لما اشتمل من ثناء الرسول البالغ عليهم، وأن الكبير ينبه الصغير على ما يغفل عنه، ويوضح له وجه الشبهة ليرجع إلى الحق، وفيه المعاتبة واستعطاف المعاتب وإعتابه عن عتبه بإقامة حجة من عتب عليه، والاعتذار والاعتراف.
وفيه علم من أعلام النبوة لقوله:"ستلقون بعدي أثرة " فكان كما قال. وقد قال الزهري في روايته عن أنس في آخر الحديث قال أنس فلم يصبروا" وفيه أن للإمام تفضيل بعض الناس على بعض في مصارف الفيء، وأن له أن يعطي الغني منه للمصلحة، وأن من طلب حقه من الدنيا لا عتب عليه في ذلك.
وفيه مشروعية الخطبة عند الأمر الذي يحدث سواءً كان خاصًّا أم عامًّا، وفيه تسلية من فاته شيء من الدنيا مما حصل له من ثواب الآخرة، والحض على طلب الهداية والألفة والغنى وأن المنة لله ورسوله على الإطلاق، وتقديم جانب الآخرة على الدنيا، والصبر عما فات منها ليدخر ذلك لصاحبه في الآخرة، والآخرة خير وأبقى" (١).