للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجعل المقام بينه وبين البيت، وكان يقرأ في الركعتين قل هو الله أحد، وقل يا أيها الكافرون، ثم رجع إلى الركن فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا.

فلما دنا من الصفا قرأ: ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ (١) وابدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا. فرقى عليه. حتى إذا رأى البيت فاستقبل القبلة. فوحد الله وكبره. وقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده. أنجز وعده. ونصر عبده. وهزم الأحزاب وحده"، ثم دعا بين ذلك. قال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة، حتى إذا انصبت (٢) قدماه في بطن الوادي سعى.

حتى إذا صعدتا (٣) مشى أتى المروة، ففعل على المروة كما فعل على الصفا، حتى إذا كان آخر طوافه على المروة فقال: "لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل، وليجعلها عمرة".

فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال: يا رسول الله! ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبك رسول الله أصابعه واحدة في الأخرى. وقال: "دخلت العمرة في الحج" مرتين "لا بل لأبد أبد".

وقدم علي من اليمن ببُدن النبي فوجد فاطمة ممن حل، ولبست ثيابًا صبيغًا. واكتحلت. فأنكر ذلك عليها. فقالت: إن أبي أمرني بهذا. فقال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله محرشًا (٤) على فاطمة. للذي صنعت. مستفتيًا لرسول الله فيما ذكرت عنه. فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها. فقال: "صدقت صدقت. ماذا قلت حين فرضت الحج"، قال: قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك. قال: "فإن معي الهدي فلا تحل". قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتي به النبي مائة. قال: فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي ومن كان معه هدي.


(١) سورة البقرة، الآية: ١٥٨.
(٢) انصبت قدماه: انحدرت.
(٣) صعدتا: ارتفعت قدماه عن بطن الوادي.
(٤) محرشا: التحريش: الإغرار والمراد هنا أن يذكر له ما يقتفى عتابها.

<<  <   >  >>