للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يفعل بالماء) لأنه بدله، إِلا ما استثني بقوله: (سوى نجاسة على غير بدن) فلا يصح التيمم عنها كعلى ثوب وبقعة، إذْ لا نصَّ فيه ولا قياس يقتضيه.

وأما النجاسةُ على البدن فيصح التيمم لها بعد تخفيفها ما أمكن، والاعتبار بصحة التيمم كما مر آنفًا (إذا دخل وقت فرض) فلا يصح أن يتيمم لفرضٍ قبل وقته، بخلاف الوضوء بالماء إذا (أبيح غيره) أي غير الفرض فلا يصح أن يتيمم لصلاة عيد ما لم يدخل وقتها، ولا لفريضة فائتة إِلا إذا ذكرها وأراد فعلها، ولا لصلاة كسوف قبل وجوده، ولا لصلاة استسقاء ما لم يجتمعوا لها، ولا لصلاة جنازة إِلا إذا غسل الميت، ولا لنافلة في وقت نهي (١).


(١) هذه الصورة المذكورة مبنية على الأقول بأن التيمم مبيحٌ لا رافع، وهذا هو المذهب مطلقًا، نصَّ عليه -كما في "مسائل أبي داود" (ص ١٦ - ٣٧)، و"ابن هانئ" (١/ ١٠) - وعليه جماهير الأصحاب. قاله في "الإنصاف" (٢/ ٢٤١) واستدلوا على ذلك بآثار عن علي وابن عمر: أن التيمم لكل صلاة. ولأن الطهارة بالتيمم ضرورة، فتقيدت بالوقت، كطهارة المستحاضة.
وعن الإمام أحمد رواية أخرى: أنه رافعٌ، فيصلّي به إلى حدثه. فقد روى الميموني -كما في "المغني" (١/ ٣٤١) - أنه قال: إنّه ليعجبني أن يتيمم لكل صلاة، ولكن القياس أنه بمنزلة الطهارة حتى يجد الماء أو يحدث، لحديث النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الجنب. يعني قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي ذر: "يا أبا ذر الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك".
وقد اختار هذه الرواية: أبو محمد ابن الجوزي، والشيخ تقي الدين، وابن رزين، وصاحب "الفائق" قاله في "الإنصاف" (٢/ ٢٤٢) وعليه: فإن التيمم يرفع الحدث إلى القدرة على الماء، ويتيمم لفرضٍ ونفل قبل وقته، ولنفلٍ غير معين لا سبب له وقت النّهي.
قال شيخ الإسلام في "الفتاوى" (٢١/ ٤٣٦ - ٤٣٧): إنه القول الصحيح، وعليه يدل الكتاب والسنة والاعتبار. . . قال: وأصحاب القول الآخر احتجوا بآثار منقولة عن بعض الصحابة وهي ضعيفة لا تثبت، ولا حجة في شيء منها ولو ثبتت. . . إلخ.
ينظر: "المغني" (١/ ٣٤١)، و"المستوعب" (١/ ٣٠٥ - ٣٠٦)، و"الفتاوى" (٢١/ ٣٥٢)، =