للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في ردة، ولا قطع في سرقة؛ لأن الأصل تفويض إقامة الحد إلى الإمام، وإنما فوض الجلد إلى السيد خاصة لأنه تأديب، والحديث جاء في جارية زنت، فالظاهر أنه إنما أراد ذلك الحد وشبهه، ولأن في الجلد سترا على رقيقه لئلا يفتضح بإقامة الإمام الحد عليه فتنقص قيمته وذلك منتف فيهما.

ويجب إقامة الحد ولو كان من يقيمه شريكا أو عونا لمن يقيمه عليه في تلك المعصية لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى في هذه الحالة، ولا يجمع بين معصيتين.

وتحرم إقامته بمسجد لحديث حكيم بن حزام (١): "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى أن يستقاد بالمسجد، وأن تنشد فيه الأشعار، وأن تقام فيه الحدود" (٢)؛ ولأنه لا يؤمن من حدوث ما يلوث المسجد، فإن أقيم به لم يعد لحصول المقصود من الزجر.


(١) حكيم بن حزام: بن خويلد بن أسد بن عبد العزى، الأسدي، ابن أخي خديجة أم المؤمنين -رضي اللَّه عنها-، أسلم عام الفتح، وشهد حنينا ونال من مغانمها مائة بعير، كان من العلماء بأنساب قريش وأخبارها، توفي سنة ٥٠ هـ.
ينظر: أسد الغابة ٢/ ٤٥ - ٤٦، والإصابة ٢/ ٩٧ - ٩٨.
(٢) أخرجه أبو داود، باب في إقامة الحد في المسجد، كتاب الحدود برقم (٤٤٩٠) سنن أبي داود ٤/ ١٦٧، وأحمد برقم (١٥١٥٢) المسند ٤/ ٤٥٦، والدارقطني، كتاب الحدود والديات وغيره، سنن الدارقطني ٣/ ٨٥، والحاكم. باب النهي للأمير عن ابتغاء الريبة في الناس، كتاب الحدود، المستدرك ٤/ ٣٧٨، والبيهقي، باب لا تقام الحدود في المساجد، كتاب الأشربة والحد فيها، السنن الكبرى ٨/ ٣٢٨، والحديث سكت عنه الحاكم، وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير ٤/ ٧٧ - ٧٨: "لا بأس بإسناده" ا. هـ، وحسنه الألباني في الإرواء ٧/ ٣٦١ - ٣٦٣ لطرقه الأخرى وشواهده.