للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومن حلف أن لا يهب زيدًا شيئًا فأهدى إليه، أو باعه وحاباه، أو وقف عليه، أو تصدق عليه صدقة تطوع حنث؛ لأن ذلك كله من أنواع الهبة، ولا يحنث إن كانت الصدقة واجبة كالزكاة، أو كانت من نَذرٍ أو كفارةٍ أو ضَيَّفَهُ القدر الواجب فلا حنث؛ لأن ذلك من حق اللَّه تعالى فلا يسمى هبة، أو أبرأه من دين له عليه فلم يحنث لأن الهبة تمليك وليس له إلا دين في ذمته، أو أعاره أو أوصى له فلا حنث، أو حلف أن لا يتصدق عليه فوهبه فلا حنث؛ لأن الصَّدَقةَ نَوعٌ خَاصٌ من الهبة، ولا يحنث حالف على نوع بفعل نوع آخر، ولذلك لم يلزم من تحريم الصدقة على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تحريم الهبة والهدية، أو حلف لا يتصدق فأطعم عياله؛ لأنه لا يسمى صدقة عرفًا، وإطلاق الصدقة عليه في الخبر باعتبار ترتب الثواب عليه كالصدقة، وإن نذر أن يهب فلانًا شيئًا بر بالإيجاب سواء قبل الموهوب له أو لا.

والاسم العرفي: ما اشتهر مجازه حتى غلب على حقيقته كما تقدم تمثيله، فمن حلف لا يأكل عيشًا حنث بأكل خبزٍ؛ لأنه المعروف فيه، والعيش لغة: الحياة.

ومن حلف لا يطأ امرأته حنث مجماعها لانصراف اللفظ إليه عرفًا، ومن حلف لا يتسرَّى حنث بوطء أمته مطلقًا؛ لأن التَّسرِّي مأخوذٌ من السِّرِّ وهو الوطء، قال تعالى: {وَلَكِنْ [لا] (١) تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} (٢) وقال الشاعر (٣):


(١) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل.
(٢) سورة البقرة من الآية (٢٣٥).
(٣) هو امرؤ القيس، والبيت في ديوانه ص ٢٨.