للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يكره للإمام الذي لا يُؤَمِّن لدعائه أن يخص نفسه بالدعاء.

ومن آداب الدعاء: الإخلاص (١)، واجتناب الحرام؛ لأنها تبعد إجابة آكل الحرام؛ لحديث: "رُب أشعث أغبر. . . " الحديث (٢)، إلا مضطرًا أو مظلومًا، فإن دعاءه يستجاب.

(وكره فيها) أي: الصلاة (التفات ونحوه) لحديث عائشة قالت: سألت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن الالتفات في الصلاة، فقال: "هو اختلاسٌ (٣)


(١) كتب المذهب على: أن الإخلاص شرط في الدعاء. قالوا: وظاهر كلام ابن الجوزي وغيره أنه من الآداب، ينظر: "الفروع" (١/ ٣٤٥)، و"كشاف القناع" (١/ ٣٦٩)، و"شرح منتهى الإرادات" (١/ ١٩٥)، وممن ذكر أنه شرط في الدعاء: الإمام الخطابي في كتابه "شأن الدعاء" (١٣) والقرطبي في "أحكام القرآن" (٢/ ٣١١). وقال الحافظ ابن حجر -رحمه اللَّه- وقد دلت الآية -يعني قوله تعالى: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} - أن الإجابة مشترطة بالإخلاص. اهـ "فتح الباري" (١١/ ٩٥). وقد بوب ابن المبارك في كتابه "الزهد" (ص ٢٠) فقال: باب الإخلاص في الدعاء، وساق أثر ابن مسعود: "إن اللَّه لا يقبل من مُسَمِّع ولا مراءٍ ولا لاعبٍ ولا داعٍ، إلا داعيًا دعاءً ثبتًا من قلبه" إسناده جيد.
وتفصيل القول في هذه المسألة: أن الدعاء عبادةٌ يجب فيها الإخلاص للَّه تعالى، والمتابعة للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. فمن دعا غير اللَّه، فهو مشرك كافر، قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا. . .} [الجن: ١٨] إلى قوله: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا}.
أما إجابة الدعاء، فإن بعض أهل العلم يرى أن الإخلاص أدبٌ فيها، كما تقدم عن ابن الجوزي وغيره. إذْ قد يستجيب اللَّه تعالى لكافرٍ أو مشرك، بسب اضطراره أو حسنة تقدمت منه، أو نحو ذلك.
ينظر: "فتح المجيد شرح كتاب التوحيد" (١/ ٣٠١)، و"اقتضاء الصراط المستقيم" لابن تيمية (٢/ ٧٠٥، ٧٠٦)، و"الجواب الكافي" لابن القيم (١٣، ١٤).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الزكاة (٢/ ٧٥٣) عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أيها الناس، إن اللَّه طيبٌ لا يقبل إلا طيبًا. . . ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يارب يارب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغُدِيَ بالحرام، فأنى يُستجاب لذلك؟ ".
(٣) هو: الاختطاف بسرعة على غفلة. ينظر: "المصباح" (١/ ٢٤٢).