للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتلزمهم بغيرهم، كمن بخيام ونحوها.

ولا تجب جمعة على مسافر فوق فرسخ؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه كانوا يسافرون في الحج وغيره، فلم يصل أحد منهم الجمعة في السفر، مع اجتماع الخلق الكثير، إلا في سفر لا قصر معه: كسفر معصية، وما دون المسافة، فتلزمه بغيره.

ومن حضرها ممن لا تجب عليه أجزأته عن الظهر، ولا يحسب من العدد، ولا تصح إمامته فيها، لئلا يصير التابعُ متبوعًا، والمريض ونحوه كخائف على نفسه، أو ماله، أو أهله، ممن له شغل، أو عذر يبيح ترك الجمعة، إذا حضرها، وجبت عليه، وانعقدت به، وجاز أن يؤم فيها.

(ومن صلى الظهر ممن عليه الجمعة قبل الإمام) أي قبل صلاة الإمام الجمعة (لم تَصِحَّ) ظهره (وإلا صحَّتْ) بأن صلى بعد فراغ الإمام من الصلاة، أو مما تدرك به الجمعة، صحت ظهره (والأفضل) في حق من لا تلزمه الجمعة، ولم يصل مع الإمام، صلاته (بعده) أي بعد الإمام، خروجًا من الخلاف (١).


(١) الحنفية يقولون: يستحب للمعذور تأخيرها إلى فراغ الإمام. فإن لم يؤخر صحت ظهره مع الكراهة.
قال ابن عابدين على قول بعض الحنفية (صحت مع عدم الكراهة اتفاقًا): محمول على نفي التحريمية. اهـ
وعند المالكية: يستحب التأخير حتى تفوت الجمعة. وقال الشافعي: ولا أحب لمن ترك الجمعة بالعذر أن يصلي حتى يتأخى انصراف الإمام. اهـ
أما الحنابلة فالمذهب: أن الأفضل عدم صلاة الظهر حتى يصلي الإمام. فإن صلى فصلاته صحيحة. وعن الإمام أحمد رواية: لا تصح مطلقًا قبل صلاة الإمام. وعليه فهذا هو الخلاف الذي أشار إليه المؤلف.
ينظر: "الدر المختار" (٣/ ٣٣) و"الذخيرة" (٢/ ٣٥٣) و"الحاوي" (٣/ ٣٢)، و"الشرح الكبير" (٥/ ١٧٩، ١٨٠).