للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وحرم سفر من تلزمه) أي الجمعة، بنفسه، أو بغيره في يومها، (بعد الزوال) حتى يصلي الجمعة، لاستقرارها في ذمته بدخول أول الوقت، فلم يجز له تفويتها بالسفر، إن لم يخف فوت رفقة بسفر مباح، فإن خافه سقط عنه وجوبها، وجاز له السفر.

(وكره) له السفر (قبله) أي قبل الزوال لمن هو من أهل وجوبها، خروجًا من الخلاف (١)، ولم يحرم، لقول عمر: "لا تحبس الجمعة عن سفر" (٢) رواه الشافعي في "مسنده"، ولأنها لا تجب إلا بالزوال، وما قبله رخصة (ما لم يأت بها في طريقه) فإن أتى بالجمعة في طريقه من سافر قبل الزوال، أو بعده، لم يكره، لأداء فرضه (أو يخف فوت رفقة) كما تقدم.

(وشرط لصحتها) أي الجمعة: أربعة شروط، ليس منها إذن الإمام،


(١) قال ابن القيم في "زاد المعاد" (١/ ٣٨٢): لا يجوز السفر في يومها لمن تلزمه قبل فعلها بعد دخول وقتها.
وأما قبله فللعلماء ثلاثة أقوال، وهي روايات منصوصات عن أحمد: أحدها: لا يجوز. والثاني: يجوز. والثالث: يجوز للجهاد خاصة.
وأما مذهب الشافعي -رحمه اللَّه- فيحرم عنده إنشاء السفر يوم الجمعة بعد الزوال. ولهم في سفر الطاعة وجهان: أحدهما: تحريمه، وهو اختيار النووي. والثاني: جوزه، وهو اختيار الرافعي. وأما السفر قبل الزوال فللشافعي فيه قولان: القديم جوازه. والجديد: أنه كالسفر بعد الزوال.
وأما مذهب مالك: فقال صاحب التفريع: ولا يسافر أحد يوم الجمعة بعد الزوال حتى يصلي الجمعة، ولا بأس أن يسافر قبل الزوال، والاختيار ألا يسافر إذا طلع الفجر وهو حاضر حتى يصلي الجمعة.
وذهب أبو حنيفة: إلى جواز السفر مطلقًا. . . اهـ وقد أطال ابن القيم -رحمه اللَّه- في ذكر الأحاديث والآثار في المسألة. وينظر: "رد المحتار" (٣/ ٤٠) و"مواهب الجليل" (٢/ ٥٤٩) و"الحاوي الكبير" للماوردي (٣/ ٥٣).
(٢) الشافعي كما في ترتيب "المسند" (١/ ١٥٠) عبد الرزاق في "المصنف" كتاب الجمعة باب (٣/ ١٧٥).