للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لا يسمعها، ويشتغل -أيضًا- بذكر اللَّه تعالى تحصيلًا للأجر، وأفضله قراءة القرآن.

(وكره لغيره) أي لغير الإمام (تخطي الرقاب) لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو على المنبر لرجل رآه يتخطى رقاب الناس: "اجلس فقد آذيت" (١) رواه أحمد، (إلا لفرجة لا يصل إليها إلا به) أي بتخطي الرقاب، فيباح، إلى أن يصل إليها، لإسقاطهم حقهم بتأخرهم عنها.

(و) كره أيضًا (إيثار) غيره (بمكان أفضل) ويجلس فيما دونه؛ لأنه رغبة عن الخير و (لا) يكره للمؤثر (قبول) ولا رد، وقام رجل لأحمد من موضعه فأبى أن يجلس فيه وقال: ارجع إلى موضعك. فرجع إليه (٢). وليس لغير المؤثر -بفتح الثاء المثلثة- سبقه إلى المكان الأفضل، لأنه أقامه مقامه، أشبه من تحجر مواتًا، فآثر به غيره.

والعائد من قيامه لعارض، كتطهر، أحق بمكانه الذي سَبَقَ إليه، لحديث مسلم عن أبي أيوب مرفوعًا: "من قام من مجلسه ثم عاد إليه فهو أحق به" (٣) ومن لم يصل إليه إلا بالتخطي، فكمن رأى فرجة (وحرم أن يقيم غير صبي من مكانه فيجلس فيه) مع أهليته له، حتى المعلم، والمحدث، والمفتي ونحوه، فيحرم أن يقيم من جلس موضع حلقته، ولو كان عبده الكبير، أو ولده الكبير، لحديث ابن عمر مرفوعًا: "نهي أن يقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه" (٤) متفق عليه، ولكن يقول:


(١) أحمد في "المسند" (٤/ ١٨٨، ١٩٥)، وأبو داود، الصلاة، باب تخطي رقاب الناس يوم الجمعة (١/ ٦٦٨)، والنسائي، الجمعة، باب النهي عن تخطي رقاب الناس والإمام على المنبر يوم الجمعة (٣/ ١٠٣).
(٢) "الإنصاف" (٥/ ٢٩٣، ٢٩٤).
(٣) مسلم، كتاب السلام، (٤/ ١٧١٥).
(٤) البخاري، كتاب الجمعة، باب لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد مكانه (١/ ٢١٨) ومسلم كتاب السلام، (٤/ ١٧١٤، ١٧١٥).