للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"افسحوا" (١) للخبر، ولأنه حق ديني، فاستوى فيه العبد، والولد، وغيرهما.

وقال أبو المعالي: إن جلس في مصلى الإمام، أو طريق المارة، أو استقبل المصلين في مكان: أقيم، وأما الصبي ممن لم يبلغ من ولد، وعبد، وأجنبي، فيقام؛ لأن البالغ أحق بالتقدم للفضل (٢). قال المنقح: وقواعد المذهب تقتضي عدم الصحة (٣)، لصلاة من أقام غيره، وصلى مكانه؛ لأنه يفسر في معنى الغاصب للمكان.

وحرم -أيضًا- رفع مُصَلى مفروش ليصلي عليه ربه إذا جاء، لأنه افتئات على ربه، وتصرف في ملكه بغير إذنه، ما لم تقم الصلاة، ولا يحضر ربه، فَلِغَيْرِهِ رفعُه، والصلاة مكانه؛ لأن المفروش لا حرمة له بنفسه، وربه لم يحضر.

(و) حرم أيضًا (الكلام حال الخطبة) إذا سمعها لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (٤)، قال أكثر المفسرين: إنها نزلت في الخطبة (٥). وسميت قرآنًا لاشتمالها عليه، ولخبر الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعًا: "إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت والإمام يخطب، فقد لغوت" (٦) واللغو الإثم (على غير خطيب)، وأما


(١) مسلم، في الموضع السابق، عن جابر، ولفظه: "لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة، ثم ليخالف إلى مقعده فيقعد فيه. ولكن يقول: افسحوا".
(٢) "الفروع" (١/ ٥٥٤).
(٣) "التنقيح" (ص ٦٦).
(٤) سورة الأعراف، الآية: ٢٠٤.
(٥) روي ذلك عن عائشة، وسعيد بن جبير، وعطاء، ومجاهد، وعمرو بن دينار، وغيرهم. ينظر: "زاد المسير" (٣/ ٣١٣) و"تفسير ابن كثير" (٣/ ٥٣٨).
(٦) البخاري، كتاب الجمعة، باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب (١/ ٢٢٤)، ومسلم، كتاب الجمعة (٢/ ٥٨٣).