للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقبور (١)، والكفت الجمع (٢)، وهو إكرام للميت، لأنه لو ترك لأنتن، وتأذى الناس بريحه، وقد أرشد اللَّه قابيل إلى دفن أخيه هابيل (٣)، {فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ} (٤).

ويسقط دفن وتكفين وحمل بفعل كافر، لأن فاعلها لا يختص أن يكون من أهل القربة، ويقدم بدفن ذكر وأنثى من يقدم بغسله، ونائبه كهو، ويقدم بدفن امرأة، محارمها الرجال، فزوج، فأجانب، لأن النساء يضعفن عن إدخال الميت القبر (٥).

(وكون قبر لحدًا) أفضل من كونه شقًّا -وهو بفتح اللام والضم لغة- أن يحفر في أسفل حائط القبر حفرة تسع الميت، وأصله الميل (٦). وكون اللحد مما يلي القبلة أفضل، ونصب لبن عليه أفضل من نصب حجارة أو غيرها، لحديث مسلم، عن سعد بن أبي وقاص قال في مرضه الذي مات فيه: ألحدوا لي لحدًا، وأنصبوا علي اللبن نصبًا، كما فُعل برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٧).

وكره شق بلا عذر، قال أحمد (٨): لا أحب الشق لحديث: "اللحد لنا


(١) "الدر المنثور" (٦/ ٤٩٤) عن مجاهد بنحوه. و"جامع البيان" (١٢/ ٣٨٦) عن قتادة بمعناه.
(٢) "القاموس" (ص ٢٠٣).
(٣) "الدر المنثور" (٣/ ٥٤ وما بعدها).
(٤) سورة المائدة، الآية: ٣١.
(٥) بل يقال: إن تولي النساء لذلك لو كان مشروعًا لفعل في عصر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعصر خلفائه. ينظر: "معونة أولي النهى" (٢/ ٤٧٦) حيث ذكر تعليلات كثيرة للمنع من ذلك، الذي نقلته أقواها.
(٦) قال ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" (٣/ ١٧٠): الشين والقاف أصلٌ واحد صحيح يدل على انصداع في الشيء. . اهـ.
(٧) مسلم، كتاب الجنائز (٢/ ٦٦٥).
(٨) "الشرح الكبير" (٦/ ٢٢٠).