للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دفن ويخرج، نصًّا (١)، ويحرم دفن في ملك غيره، ما لم يأذن مالك، ويباح نبش قبر حربي، لأن موضع مسجده -صلى اللَّه عليه وسلم- كان قبورًا للمشركين، فأمر بنبشها، وجعلها مسجدًا (٢)، ولا يباح نبش قبر مسلم مع بقاء رُمَّته (٣)، إلا لضرورة، كأن دفن في ملك الغير بلا إذنه، والأولى له تركه إذن، وإن كُفن بغصب، نبش وأخذ مع بقائه، ليرد إلى مالكه، إن تعذر غرمه من تركته، وإلا لم ينبش لهتك حرمته، مع إمكان دفع الضرر بدونها.

ويجب نبش من دفن بلا غسل أمكن، تداركًا للواجب، ويجوز نبش ميت لغرض صحيح، كتحسين كفنه، لحديث جابر، قال: أتى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عبد اللَّه بن أبي بعدما دفن، فاخرجه، فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه (٤). متفق عليه.

ويجوز نبشه، لنقله لبقعة شريفة، ومجاورة صالح، لما في "الموطأ" لمالك: أنه سمع غير واحد يقول: إن سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، ماتا بالعقيق، فحملا إلى المدينة، ودفنا بها (٥)، إلا شهيدًا دفن بمصرعه، فلا يجوز نقله، لحديث جابر مرفوعًا: "ادفنوا القتلى في مصارعهم" (٦).

وإن ماتت حامل بمن ترجى حياته، حرم شق بطنها للحمل، مسلمة كانت أو ذمية، لأنه هتك حرمة متيقنة، لإبقاء حياة متوهمة، إذ الغالب أن


(١) "الفروع" (٢/ ٢٧٩).
(٢) البخاري، كتاب الصلاة، باب هل تنش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد (١/ ١١١) من حديث أنس.
(٣) الرمة: العظام البالية، وتجمع على رمم. "المصباح المنير" (١/ ٣٢٧).
(٤) تقدم (ص ٣٩٦).
(٥) مالك في "الموطأ"، كتاب الجنائز، باب ما جاء في دفن الميت (١/ ٢٣٢).
(٦) الترمذي، كتاب الجهاد، باب ما جاء في دفن القتيل في مقتله (٤/ ٢١٥) و"مسند أحمد" (٣/ ٣٠٨).