للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"فإنها تذكر الآخرة" (١)، وهذا التعليل يرجح أن الأمر للاستحباب، وإن كان واردًا بعد الحظر.

(و) سن (القراءة عنده) (٢) أي القبر والذكر (و) فعل (ما يخفف عنه) أي الميت (ولو بجعل جريدة رطبة في القبر) للخبر (٣)، وأوصى به بريدة، ذكره البخاري (٤). وسن أن يقف زائر قريبًا منه عرفًا.

وتباح زيارة مسلم لقبر كافر، ولا يسلم عليه، ولا يدعو له، بل يقول: أبشر بالنار، وقوله تعالى: {وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (٥) المراد به عند أكثر المفسرين: الدعاء والاستغفار له (٦).


= الموت (٤/ ٧٠).
وأصله عند مسلم، كتاب الأضاحي (٣/ ١٥٦٣) عن بريدة بن الحصيب بلفظ: "نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها".
(١) الترمذي، كتاب الجنائز، باب ما جاء في الرخصة في زيارة القبور (٣/ ٣٦١).
(٢) القراءة الدائمة بعد الدفن لم تكن معروفة عند السلف، ومن قال: إن الميت ينتفع بسماع القرآن ويؤجر على ذلك فقد غلط. قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه اللَّه في "مجموع الفتاوى" (٢٤/ ٣١٧). وينظر: "الاختيارات" (ص ١٣٦).
(٣) وهو حديث "أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- مر بقبرين يعذبان. . . ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين فقال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا" البخاري، الجنائز، باب الجريدة على القبر (٢/ ٩٨) وقد تقدم.
قال ابن تيمية: إن الشجر والنبات يسبح ما دام أخضر، فإذا يبس انقطع تسبيحه، والتسبيح والعبادة عند القبر مما يوجب تخفيف العذاب .. "الاختيارات" (ص ١٣٦).
(٤) البخاري، كتاب الجنائز، باب الجريد على القبر (٢/ ٩٨) تعليقًا.
(٥) سورة التوبة، الآية: ٨٤.
(٦) ذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" (٣/ ٤٨١): أن المفسرين قالوا: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا دفن الميت، وقف على قبره ودعا له. فنهي عن ذلك في حق المنافقين. وقال ابن جرير: معناه: لا تتولَّ دفنه، وهو من قولك: قام فلان بأمر فلان. اهـ
ينظر: "تفسير ابن جرير" (١٠/ ٢٠٤) و"الجامع" للقرطبي (٨/ ٢٢٣) و"غرائب التفسير" =