للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال نافع: "كان ابن عمر يعطي التمر إلا عامًا واحدًا أعوز التمر، فأعطى الشعير" (١) رواه أحمد، والبخاري. وقال له أبو مجلز (٢): إن اللَّه تعالى قد أوسع، والبر أفضل، فقال: إن أصحابي سلكوا طريقًا، فأنا أحب أن أسلكه (٣). رواه أحمد، واحتج به، وظاهره أن جماعة الصحابة كانوا يخرجون التمر، ولأنه قوت وحلاوة، وأقرب تناولًا وأقل كلفة (فزبيب) لأن فيه قوتًا وحلاوة، وقلة كلفة، فهو أشبه بالتمر من البر (فبرٌّ) لأن القياس تقديمه على الكل، لكن ترك (٤) اقتداءً بالصحابة في التمر، وما شاركه في المعنى، وهو الزبيب (فأنفع) في اقتيات، ودفع حاجة فقير، فإن استوت، فشعير، ثم دقيق بر، ثم دقيق شعير، ثم سويقهما (فإن عدمت) المنصوص عليها من الأصناف الخمسة (أجزأ كل حب يقتات) إذا كان مكيلًا، كالأرز، والذرة، والدخن، والماش، ونحو ذلك.

ولا يجوز إخراج معيب، كمُسِوِّس، ومبلول، وقديم تغير طعمه، ونحوه، لقوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (٥) ولا خبز، لأنه خرج عن الكيل والادخار.

(ويجوز إعطاء جاعة) من أهل الزكاة (ما يلزم الواحد) من فطرة أو زكاة مال، قال في "الشرح" (٦) و"المبدع" (٧): لا نعلم فيه خلافًا، لأنه دفع


(١) أحمد (٢/ ٥) والبخاري، في الزكاة، باب صدقة الفطر على الحر والمملوك (٢/ ١٣٩).
(٢) هو لاحق بن حميد بن سعيد، أبو مجلز البصري الأعور. تابعي ثقة، توفي سنة (١٠٠ هـ) وقيل غير ذلك. "تهذيب الكمال" (٣١/ ١٧٩).
(٣) أورد هذا الأثر بنحوه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (٣/ ٣٧٦) وعزا تخريجه إلى جعفر الفريابي.
(٤) أي تُرك القياس. ينظر: "معونة أولي النهى" (٢/ ٧٢٢).
(٥) سورة البقرة، الآية: ٢٦٧.
(٦) "الشرح الكبير" (٧/ ١٣٥).
(٧) (٢/ ٣٩٥).