للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السكون، لأنه أسكنته الحاجة (١)، ومن كُسر صلبه أشدُّ حالًا من الساكن. فالفقراء الذين لا يجدون ما يقع موقعًا من الكفاية، كعميان، وزمنى، لأنهم غالبًا لا يقدرون على اكتساب يقع الموقع من كفايتهم، وربما لا يقدرون على شيء إطلاقًا، قال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} (٢) الآية، ويعطيان تمام كفايتهما مع عائلتهما سنة من الزكاة، لأن وجوبها يتكرر بتكرر الحول، فيعطى ما يكفيه إلى مثله.

ومن ملك ولو من أثمان ما لا يقوم بكفايته، وكفاية عياله، ولو أكثر من نصاب؛ فليس بغني، فلا تحرم عليه الزكاة، لأن الغنى ما تحصل به الكفاية.

قال الميموني: ذاكرت أحمد فقلت: قد يكون للرجل الإبل والغنم تجب فيها الزكاة، وهو فقير، ويكون له أربعون شاة، وتكون له الضيعة لا تكفيه، يُعطى من الصدقة؟ قال: نعم. وذكر قول عمر: أعطوهم وإن راحت عليهم من الإبل كذا وكذا، قلت: فلهذا قدر من العدد أو الوقت؟ قال: لم أسمعه، وقال: إذا كان له عقار وضيعة يستغلها عشرة آلاف في كل سنة لا تقيمه -أي: تكفيه- يأخذ من الزكاة (٣).

وإن تفرغ قادر على التكسب للعلم لا للعبادة، وتعذر الجمع بين التكسب والاشتغال بالعلم، أعطي من زكاة لحاجته.

(و) الثالث: (العاملون عليها): كجاب يبعثه الإمام، لأخذ زكاة من أربابها، وحافظ، وكاتب، وقاسم، ومن يحتاج إليه فيها، لدخولهم في قوله تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} (٤)، وكان عليه السلام يبعث على الصدقة سعاة،


(١) ينظر: "المصباح المنير" (١/ ٣٨٥).
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٧٣.
(٣) "المغني" (٤/ ١٢١، ١٢٢) وأثر عمر، أخرج نحوه ابن أبي شيبة، كتاب الزكاة، باب من قال: ترد الصدقة في الفقراء إذا أخذت من الأغنياء (٣/ ٢٠٥).
(٤) سورة التوبة، الآية: ٦٠.