للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

المشي فيها غالبًا، إلا العاجز عن مشي، كشيخ كبير، فيعتبر له ملك الراحلة.

ولا يلزمه السير حبوًا، ولو أمكنه ذلك، وأما الزاد فيعتبر، قربت المسافة أو بعدت. أو ملك ما يقدر به على تحصيل الزاد والراحلة، فإن لم يملك ذلك؛ لم يلزمه الحج. لكن يستحب لمن أمكنه المشي والكسب بالصنعة، ويكره لمن حرفته المسألة.

فاضلًا عما يحتاج من كتب، ومسكنٍ، وخادم، ولباس صالح لمثله، وعن ما لا بد منه، وعن قضاء دينه حالًّا أو مؤجلًا، وعن مؤنته ومؤنة عبده، لحديث: "كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت" (١). على الدوام، من عقار، أو بضاعة، أو صناعة، ولا يصير مستطيعًا ببذل غيره له ما يحتاجه لحجه وعمرته، ولو أباه أو أُمَّه (٢) للمنة.

ومن الاستطاعة سعة وقت، وأمن طريق يمكن سلوكه، ولو بحرًا، لحديث: "لا يركب البحر إلا حاجًّا، أو معتمرًا، أو غازيًا" (٣). رواه أبو داود وسعيد. أو كان بلا خفارة (٤) في الطريق، فإن لم يمكنه سلوكه إلا بها،


(١) تقدم تخريجه (ص ٤٨٣).
(٢) في "شرح المنتهى" (٢/ ٣): أو ابنه.
(٣) أبو داود، في الجهاد، باب في ركوب البحر في الغزو (٣/ ١٣) عن عبد اللَّه بن عمرو، ولفظه: "لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز في سبيل اللَّه، فإن تحت البحر نارًا، وتحت النار بحرًا". وقال أبو داود عقبه: رواته مجهولون. اهـ
وقال البخاري: ليس هذا الحديث بصحيح. وقال ابن عبد البر: لا يصححه أهل العلم، رواته مجهولون لا يعرفون. وقال الخطابي: ضعفوا إسناده. "الفروع" (٣/ ٢٣١) وينظر: "التلخيص الحبير" (٢/ ٢٣٥).
(٤) خفره: أخذ منه جُعلًا ليجيره. "القاموس" (ص ٤٩٤).
قال شيخ الإسلام كما في "الاختيارات" (ص ١٧١): وتجوز الخفارة عند الحاجة إليها في الدفع عن المخفَّر. ولا يجوز مع عدمها، كما يأخذه السلطان من الرعايا. اهـ
وهذا قول ابن حامد، وغيره، كما في "الفروع" (٣/ ٢٣٢).