للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا أتى متعجل أو غيره مكة، لم يخرج حتى يودع البيت بالطواف.

(وطواف الوداع واجب) إذا فرغ من جميع أموره، لحديث ابن عباس: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض (١). متفق عليه، ويسمى طواف الصدر، لأنه عند صدور الناس من مكة (يفعله) أي طواف الوداع (ثم يقف في الملتزم) وهو أربعة أذرع، بين الركن الذي به الحجر والباب (داعيًا بما ورد).

فيلصق به جميع بدنه: وجهه، وصدره، وذراعيه، وكفيه مبسوطتين. لحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، قال: طفت مع عبد اللَّه، فلما جاء دبر الكعبة قلت: ألا تتعوذ؟ قال: أعوذ باللَّه من النار. ثم مضى حتى استلم الحجر، فقام بين الركن والباب، فوضع صدره، وذراعيه، وكفيه، وبسطهما بسطًا، وقال: هكذا رأيت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يفعل (٢). رواه أبو داود.

ويقول وهو على هذه الحالة: اللهم هذا بيتك، وأنا عبدك، وابن عبدك وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك، وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك، وأعنتني على أداء نسكي، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضى، وإلا فَمُنَّ الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري، وهذا أوان انصرافي، إن أذنت لي، غير مستبدل بك، ولا ببيتك ولا راغب عنك، ولا عن بيتك، اللهم فأصحبني العافية في بدني، والصحة في جسمي، والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني طاعتك، ما أبقيتني، واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير. ويدعو بعد ذلك بما أحب، ويصلي على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣).


(١) البخاري، في الحج، باب طواف الوداع (٢/ ١٩٥) ومسلم، في الحج (٢/ ٩٦٣).
(٢) أبو داود، المناسك، باب الملتزم (٢/ ٤٥٢) ابن ماجه، في احج، باب الملتزم (٢/ ٩٨٧).
(٣) قال النووي في "المجموع" (٨/ ٢٥٨): هذا الدعاء ذكره الشافعي -رحمه اللَّه- في الإملاء، وفي مختصر الحج. واتفق الأصحاب على استحبابه. اهـ