للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكركبان تلقاهم حاضر عند قربهم من البلد، ولو كان التلقي بلا قصد نصًّا (١)، لأنه شرع لإزالة ضررهم بالغبن ولا أثر للقصد فيه، فإذا باعوا واشتروا قبل العلم بالسعر وغبنوا فلهم الخيار، لحديث: "لا تلقوا الجلب فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى السوق فهو بالخيار" (٢) رواه مسلم.

والغبن محرم لما فيه من التغرير بالمشتري، وخياره كخيار عيب على التراخي، ولا يمنع الفسخ تعيبه عند مشتر، وعليه الأرش لعيب حدث عنده إذا رده، كالمعيب إذا تعيب عنده ورده، ولا يمنع الفسخ تلفه عند مشتر، وعليه قيمته لبائعه لأنه فوته عليه.

(لا) لأجل (استعجالـ) ـه في المبيع، ولو توقف فيه ولم يستعجل لم يغبن، فلا خيار لهما لعدم التغرير، وكذا إجارة فيثبت فيها خيار الغبن إذا جهل أجرة المثل ولم يحسن يماكس فيها.

(و) الرابع: (خيار تدليس) من الدَّلَس بالتحريك بمعنى الظلمة (٣) (بما يزيد به الثمن) ولو لم يكن عيبًا (كتصرية) اللبن -أي جمعه- في الضرع، لحديث أبي هريرة مرفوعًا: "لا تُصَرُّوا الإبلَ والغنم، فمن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاعًا من تمر" (٤) متفق عليه، (و) كـ (تسويد شعر جارية) وتجعيده، وجمع ماء الرحى وإرساله


(١) "الإنصاف" (١١/ ٣٣٦).
(٢) مسلم، البيوع (٣/ ١١٥٧) عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٣) "القاموس" (ص ٧٠٣). والتدليس في البيع: كتمان عيبي السِّلعةِ عن المشتري وإخفاؤه.
"المطلع" (ص ٢٣٦) و"التوقيف" (ص ١٦٧).
(٤) البخاري في البيوع باب النهي للبائع أن لا يحفل الإبل والبقر والغنم (٣/ ٢٥)، ومسلم في البيوع (٣/ ١١٥٨، ١١٥٩) عن أبي هريرة.
قوله: لا تصَرُّوا الإبل بضم التاء وفتح الصاد من صرى: إذا جمع. ينظر: "مشارق الأنوار" (٢/ ٥٤).