للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو صارف شخصًا على دينار بعشرة دراهم، فأعطاه خمسة عن نصفه، ثم اقترضها منه، ودفعها إليه ثانيًا عن النصف الباقي، صح ذلك، ما لم يكن حيلة، وهي التوسل إلى محرم بما ظاهره الإباحة.

والحيل كلها غير جائزة في شيء من أمور الدين، لأنه تعالى إنما حرم المحرمات لمفسدتها وضررها، ولا يزول ذلك مع بقاء معناها (١).

ومن عليه دينار فقضاه دراهم متفرقة كل نقدة بحسابها منه صح، وإلا فلا.

ويجوز الصرف والمعاملة بنقد مغشوش لمن يعرفه. قال أحمد (٢): إذا كان شيئًا اصطلحوا عليه مثل الفلوس اصطلحوا عليها، فأرجو أن لا يكون بها بأس. ولأن غايته اشتماله على جنسين لا غرر فيهما، ولاستفاضته في الأعصار، فإن لم يعرف الآخر غشه لم يجز لما فيه من التغرير.

ويحرم كسر السكة الجائزة بين المسلمين للخبر (٣)، ولما فيه من التضييق


(١) قرَّر ذلك مستدلًا ومعللًا: ابن بطة العكبري في كتاب "إبطال الحيل" وهو مطبوع.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية رسالة في ذلك هي: "إقامة الدليل على إبطال التحليل".
وجاء في "طبقات الحنابلة" (١/ ٢٠٥) أن القاضي أبا يعلى صنَّف كتاب "إبطال الحيل". وقد نقل عنه ابن تيمية، كما في "مجموع الفتاوى" (٣٠/ ٢٢٠) وابن القيم في "إعلام الموقعين" (٣/ ٤٠١ وغيرها) وأطال ابن القيم هنا النَّفَس في الحديث عن الحيل بما لا يدع بقية لقادمٍ. ينظر: "إعلام الموقعين" (من الجزء ٣/ ص ١٥٩ حتى ص ١١٧ من ج ٤).
(٢) نقلها صالح عن أبيه. ذكرها ابن النجار في "معونة أولي النهي" (٤/ ٢٣١) ولم أقف عليها في المطبوع من "مسائل صالح" واللَّه أعلم.
(٣) أخرج أبو داود في البيوع، باب في كسر الدراهم (٣/ ٧٣٠)، وابن ماجه في التجارات، باب النهي عن كسر الدراهم والدنانير (٢/ ٧٦١) عن عبد اللَّه المزني قال: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تكسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس. وفي إسناده: محمد بن فضاء. ترجمة ابن عدي في "الكامل في ضعفاء الرجال" (٦/ ٢١٧٨) وأورد له =