للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبوا أن يُضيِّفوهم. فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء. فقال بعضهم: لو أتيتم هذا الرهط الذين نزلوا، لعله أن يكون عندهم بعض شيء، فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ قال بعضهم: إني واللَّه لأرقي، ولكن استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلًا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يَتْفِلُ عليه، ويقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قَلَبة (١)، فأوفوهم جُعْلَهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا، حتى نأتي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنذكر له الذي كان، فننظر الذي يأمرنا به، فقدموا على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكروا له ذلك، فقال: "وما يدريكم أنها رقية؟ "، ثم قال: "أصبتم، اقتسموا، واضربوا لي معكم سهمًا" وضحك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. رواه الجماعة إلا النسائي (٢). كما لا يحرم أخذ على ذلك بلا شرط، وحديث القوس والخميصة قضيتان في عين.

وأما ما لا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة، كتعليم خط، وحساب، وشعر مباح، وبناء مسجد، وقناطر، وذبح هدي، وأضحية، وتفريق صدقة، ونحو ذلك، فيجوز الاستئجار له، وأخذ الأجرد عليه، لأنه يقع تارة قربة، وتارة غير قربة، أشبه غرس الأشجار، وبناء البيوت.


(١) قلبة: داء، وتعب "القاموس المحيط" (ص ١٦٣).
(٢) أخرجه البخاري، في الإجارة، باب ما يعطى على الرقية (٣/ ٥٣) وفي فضائل القرآن، باب فاتحة الكتاب (٦/ ١٠٣) وفي الطب، باب الرقى بفاتحة الكتاب، وباب النفث في الرقية (٧/ ٢٢، ٢٤). ومسلم في كتاب السلام، وأبو داود، في البيوع، باب في كسب الأطباء (٣/ ٧٠٣)، والترمذي، في الطب، باب في أخذ الأجر على التعويذ (٤/ ٣٤٨)، وابن ماجه، في التجارات، باب أجر الراقي (٢/ ٧٢٩)، وأحمد (٣/ ٢، ٤٤).