للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يحرم أخذ رزقٍ (١) من بيت المال، أو من وقف على متعد نفعه، كقضاء، وتعليم قرآن، وحديث، وفقه، ونيابة في حج، وتحمل شهادة، وأدائها، وأذان، لأنه من المصالح، فجرى مجرى الوقف على من يقوم بها، وليس بعوض، بل رزق للإعانة على الطاعة، ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة، ولا يقدح في الإخلاص، وإلا لما استحقت الغنائم، وسلب المقاتل.

ولا يجوز أخذ رزق على قاصر من القرب على فاعله، كصوم، وصلاة خلفه، ونحوهما، كحجه عن نفسه، واعتكافه، لأنه ليس من المصالح، إذ لا تدعو حاجة بعض الناس إلى بعضٍ من أجله.

وصح استئجار لحجم كافصد، ولا يحرم أجره، لحديث ابن عباس: احتجم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأعطى الحجام أجره، ولو علمه حرامًا لم يعطه (٢) متفق عليه. وكره لحر أكل أجرته، وأكل مأخوذ بلا شرط عليه، ويطعمه رقيقًا وبهائم، لحديث: "كسب الحجام خبيث" (٣) متفق عليه، وقال: "أطعمه ناضحك ورقيقك" (٤). فدل على أنه ليس بحرام، وقد سمى -صلى اللَّه عليه وسلم- الثوم والبصل خبيثين (٥) مع عدم تحريمهما، وإنما كرهه للحر تنزيهًا له، لدناءة


(١) الرَّزْقُ: العطاء. ويشمل ما يفرضه الإمام في بيت المار للمستحقين وغيره، من التبرعات، كالوقف، والهبة، وصدقة التطوع، وغير ذلك مما يدفع بلا مقابل.
ينظر: "الكليات" (ص ٤٧٢، ٤٧٣) و"معجم اصطلاحات الفقهاء" (٢/ ١٤٢).
(٢) البخاري، في البيوع، باب ذكر الحجام. وفي الإجارة، باب خراج الحجام (٣/ ١٦، ٥٤) ومسلم في المساقاة (٣/ ١٢٠٥).
(٣) أخرجه مسلم في المساقاة (٣/ ١١٩٩) عن ابن خديج. ولم يخرجه البخاري. ينظر: "المنتقى" (٢/ ٣٨٤).
(٤) أخرجه أبو داود، في البيوع، باب في كسب الحجام (٣/ ٧٠٧) والترمذي، في البيوع، باب في كسب الحجام (٣/ ٥٧٥)، وابن ماجه، في التجارات، باب كسب الحجام (٢/ ٧٣٢)، عن محيصة بن مسعود وقال الترمذي: حسن صحيح.
(٥) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (١/ ٣٩٥).