للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وليسوا قبيلة (وجب تعميمهم) بالوقف (والتسوية بينهم) فيه لاقتضاء اللفظ ذلك كما لو أقر لهم بشيء، ويوضحه قوله تعالى: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} (١).

(وإلا) يكن الوقف على جماعة يمكن حصرهم: كقريش (٢) أو بني تميم أو المساكين لم يجب تعميمهم لتعذره، وجاز التفضيل بينهم لأنه إذا جاز حرمان بعضهم (جاز تفضيل) غيره عليه (و) جاز (الاقتصار على واحد) منهم، لأن مقصود الواقف عدم مجاوزة الجنس، ويحصل ذلك بالدفع لواحد منهم، وكالزكاة إن كان ابتداؤه على جمع لا يمكن حصرهم بخلاف ما لو أمكن حصرهم ابتداء، ثم تعذر كمن وقف على أولاده فصاروا قبيلة فيعم من أمكن ويسوى بينهم.

وإن وقف على الفقراء أو على المساكين تناول الآخر؛ لأنه إنما يفرق بينهما في المعنى إذا اجتمعا في الذكر، وإن وقف على القراء فللحفاظ للقرآن، وعلى أهل الحديث فلمن عرفه ولو حفظ أربعين حديثًا لا بمجرد السماع، وعلى العلماء فلحملة الشرع ولو أغناء.

ولو وقف على سبيل الخير فلمن أخذ من زكاة لحاجة، ووصيته كوقف في جميع ذلك، لأنه يرجع فيها إلى لفظ الموصي كما يرجع في الوقف إلى لفظ واقفه.

والوقف عقد لازم لا يفسخ بإقالة ولا غيرها، ولا يباع إلا أن تتعطل منافعه المقصودة بخراب، ولم يوجد في ريع الوقت ما يعمر به، أو بغير


(١) سورة النساء، الآية: ١٢.
(٢) قريش: قبيلة عظيمة معروفة. هم أبناء النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. على خلاف في ذلك.
ينظر: "الأنساب" للسمعاني (١/ ١٧) و"نسب قريش" لأبي عبد اللَّه الزبيري، كله، و"معجم قبائل العرب" لكحالة (٣/ ٩٤٨).