للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خلاف من قال إن الهبة تلزم بالعقد (١) (إلا الأب) فله أن يرجع في عطيته قبله وبعده بلا كراهة، لحديث طاوس عن ابن عمر وابن عباس مرفوعًا: "ليس لأحد أن يعطي عطية ويرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده" (٢). رواه الترمذي وحسنه.

وسواء أراد التسوية بين أولاده بالرجوع أو لا، إلا إذا وهبه سرية (٣) للإعفاف فلا رجوع له فيها، ولو لم تصر أم ولد لأنها ملحقة بالزوجة، وإلا إذا أسقط حقه من الرجوع، خلافًا لما في "الإقناع" (٤) لأن الرجوع مجرد حقه وقد أسقطه، وإلا إذا حملت الأمة الموهوبة للولد وولدت عنده فيمتنع الرجوع في الأم لتحريم التفريق بين الوالدة وولدها (٥)، وإلا إذا زادت


(١) هذا مذهب مالك -رحمه اللَّه تعالى- استنادًا إلى قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}. وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الراجع في هبته كالكلب يعود في قيئه" ولم يفرِّق، ولأن عقد الهبة: من العقود فلم يفتقر انعقاده إلى قبض المعقود عليه كسائر العقود.
وعن الإمام أحمد رواية: أن القبض معتبر فيما يكال ويوزن من الهبة دون غيره.
والرواية المعتمدة وهي المذهب: لا تتم هبة إلا مقبوضة. وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي.
وهو الصحيح لحديث عائشة في نحلة أبي بكر الصديق لها فهو مقيد لعموم أدلة المالكية. واللَّه أعلم.
ينظر: "رد المحتار" (٨/ ٤٨٩) و"الإشراف على نكت مسائل الخلاف" للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٦٧٣، ٦٧٤) و"مغني المحتاج" (٢/ ٤٠٠) و"الإرشاد" لابن أبي موسى (ص ٢٢٩).
(٢) الترمذي في الولاء والهبة باب ما جاء في كراهية الرجوع في الهبة (٤/ ٣٨٤) ولفظه: "لا يحل للرجل أن يعطي عطية ثم يرجع فيها. . . " وقال: حسن صحيح.
وأخرجه أيضًا أبو داود في البيوع باب الرجوع في الهبة (٣/ ٨٠٨) حديث، والنسائي في الهبة (٦/ ٢٦٥) وابن ماجه في الهبات باب من أعطى: ولده ثم رجع فيه (٢/ ٧٩٥).
(٣) هي الأمة التي إتخذها مولاها اللفراش وحصنها وطلب ولدها. ينظر: "طلبة الطلبة" (ص ١٣٩) و"الزاهر" (ص ٤١١).
(٤) (٣/ ١١٠).
(٥) أخرج الترمذي في أبواب البيوع، باب ما جاء في كراهية الفرق بين الأخوين أو بين =