للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قولك (لا آمنه بدرهم) فمعناه لا آمنه من أن يتصرف به، أو يعبث به، لأن (على) تفيد الاستعلاء، و (الباء) تفيد الالصاق، والمعنى انه لا يلتصق أمنه بدرهم، بل ستفارقه أمانته ويتصرف به.

فأمنه عليه تستعمل للهجوم والاعتداء، وأمنه به تستعمل للتصرف كما ذكرنا، تقول: لا آمن عليك الذئاب، ولا آمن غوائل الطريق، ولا تقول: لا آمن بك الذئاب.

ولذلك - والله أعلم - استعمل القرآن (أمنه عليه) مع الأشخاص، و (أمنه به) مع الأمواللأ. فقال: {قالوا يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف} [يوسف: ١١]، وقال: {هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل} [يوسف: ٦٤]، وقال في الأموال: {ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقناطر يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك} [آل عمران: ٧٥]، لأن في الأولى معنى العدوان، وفي الثانية معنى التصرف، وإن كان يجوز أن يقال (لا آمنه على هذا المال) بمعنى التسلط عليه والاستحواذ، وقيل إن معنى قولك أمنتك بدينار، أي وثقت بك فيه، وقولك: (أمنت عليه) أي جعلتك أمينا عليه، وحافظًا له" (١).

وأما البيت فإنه كما ذكرنا قد يوقع الشاعر حرفا موقع حرف آخرـ ومع ذلك فالمعنى محتمل المغايرة فقوله: (أرب يبول الثعلبان برأسه) كأنه جعل رأسه وعاء بال فيه. وقوله: (لقد هان من بالت عليه الثعالب) معناه: من علته الثعالب ببولها من فوق إلى أسفل فكسته إياه.

قالوا وللتبعيض بمعنى (من) وجعلوا منه قوله تعالى: {عينا يشرب بها عباد الله} [الإنسان: ٦] (٢).، أي منها، وقيل بل ضمن شرب معنى روي (٣).


(١) التفسير الكبير ٨/ ١٠٠
(٢) المغني ١/ ١٠٥، الهمع ٢/ ٢١
(٣) المغني ١/ ١٠٥

<<  <  ج: ص:  >  >>