أَيْ: يَتَعَيَّنُ كُلٌّ مِنْ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ بِقَوْلِهِ: هَذِهِ لِلَّهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيَغَ خَبَرٌ أُرِيدَ بِهِ الْإِنْشَاءُ كَصِيَغِ الْعُقُودِ (وَنَحْوِهِ) أَيْ: نَحْوِ: هَذِهِ لِلَّهِ (مِنْ أَلْفَاظِ النَّذْرِ) كَقَوْلِهِ: هَذِهِ صَدَقَةٌ قَالَ فِي الْمُوجَزِ وَالتَّبْصِرَةِ: إذَا أَوْجَبَهَا بِلَفْظِ الذَّبْحِ نَحْوُ: لِلَّهِ عَلَيَّ ذَبْحُهَا لَزِمَهُ تَفْرِيقُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ ذَبْحُ هَذِهِ الشَّاةِ ثُمَّ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا لِبَقَاءِ الْمُسْتَحِقِّ لَهَا.
(وَلَوْ أَوْجَبَهَا نَاقِصَةً نَقْصًا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ) كَالْعَوْرَاءِ الْبَيِّنِ عَوَرُهَا وَالْعَرْجَاءِ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا (لَزِمَهُ ذَبْحُهَا) كَمَا لَوْ نَذَرَهُ (وَلَمْ تُجْزِئْهُ عَنْ الْأُضْحِيَّةِ الشَّرْعِيَّةِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخَبَرِ.
(وَلَكِنْ يُثَابُ عَلَى مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ مِنْهَا) لَحْمًا مَنْذُورًا، لَا أُضْحِيَّةً قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَإِنْ حَدَثَ بِهَا - أَيْ: بِالْمُعَيَّنَةِ أُضْحِيَّةً عَيْبٌ كَالْعَمَى وَالْعَرَجِ وَنَحْوِهِ أَجْزَأَهُ ذَبْحُهَا، وَكَانَتْ أُضْحِيَّةً (فَإِنْ زَالَ عَيْبُهَا الْمَانِعُ مِنْ الْإِجْزَاءِ كَبُرْءِ الْمَرِيضَةِ، وَ) بُرْءِ (الْعَرْجَاءِ وَزَوَالِ الْهُزَالِ أَجْزَأَتْ) لِعَدَمِ الْمَانِعِ وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ (وَإِذَا تَعَيَّنَا) أَيْ: الْهَدْيُ وَالْأُضْحِيَّةُ (لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ) عَنْهُمَا كَالْعَبْدِ الْمَنْذُورِ عِتْقُهُ، وَالْمَالِ الْمَنْذُورِ الصَّدَقَةُ بِهِ.
(وَجَازَ لَهُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَيْنِ (بِإِبْدَالٍ وَغَيْرِهِ وَشِرَاءِ خَيْرٍ مِنْهُمَا) بِأَنْ يَبِيعَهُمَا بِخَيْرٍ مِنْهُمَا، أَوْ بِنَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ خَيْرًا مِنْهُمَا نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَ نَفْعِ الْفُقَرَاءِ بِالزِّيَادَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاقَ فِي حَجَّتِهِ مِائَةَ بَدَنَةٍ وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنْ الْيَمَنِ فَأَشْرَكَهُ فِي بُدْنِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشْرَكَ عَلِيًّا فِيهَا قَبْلَ إيجَابِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشْرَكَهُ فِيهَا، بِمَعْنَى أَنَّ عَلِيًّا جَاءَ بِبُدْنٍ، فَاشْتَرَكَا فِي الْجَمِيعِ، فَكَانَ بِمَعْنَى الْإِبْدَالِ لَا بِمَعْنَى الْبَيْعِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَشْرَكَهُ فِي ثَوَابِهَا وَأَجْرِهَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.
(وَ) جَازَ (إبْدَالُ لَحْمِ) مَا تَعَيَّنَ مِنْ هَدْيٍ وَأُضْحِيَّةٍ (بِخَيْرٍ مِنْهُ) لِنَفْعِ الْفُقَرَاءِ، وَ (لَا) يَجُوزُ إبْدَالُ مَا تَعَيَّنَ مِنْ هَدْيٍ أَوْ ضَحِيَّةٍ أَوْ لَحْمِهَا (بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَلَا) بِمَا (دُونَهُ) إذْ لَا حَظَّ فِي ذَلِكَ لِلْفُقَرَاءِ.
(وَإِنْ) اشْتَرَى أُضْحِيَّةً أَوْ هَدْيًا وَعَيَّنَهَا لِذَلِكَ، ثُمَّ (عَلِمَ عَيْبَهَا بَعْدَ التَّعْيِين مَلَكَ الرَّدَّ) وَاسْتِرْجَاعَ الثَّمَنِ قُلْت: وَيَشْتَرِي بِهِ بَدَلَهَا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي.
(وَإِنْ أَخَذَ الْأَرْشَ فَكَفَاضِلٍ عَنْ الْقِيمَةِ عَلَى مَا يَأْتِي) ، فَيَشْتَرِي بِهِ شَاةً أَوْ سُبْعَ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ يَتَصَدَّقُ بِهِ، أَوْ بِلَحْمٍ يُشْتَرَى بِهِ.
(وَإِنْ) اشْتَرَى أُضْحِيَّةً أَوْ هَدْيًا وَعَيَّنَهَا ثُمَّ (بَانَتْ مُسْتَحَقَّةً بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ التَّعْيِينِ (لَزِمَهُ بَدَلُهَا) نَصًّا نَقَلَهُ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ كَأَرْشٍ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute