عَلَى صِفَاحِهِمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهِيَ (سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِمُسْلِمٍ) تَامِّ الْمِلْكِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «ثَلَاثٌ كُتِبَتْ عَلَيَّ وَهُنَّ لَكُمْ تَطَوُّعٌ» - وَفِي رِوَايَةٍ - الْوِتْرُ، وَالنَّحْرُ، وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَدَخَلَ الْعَشْرُ، فَلَا يَأْخُذُ مِنْ شَعْرِهِ وَلَا بَشَرَتِهِ شَيْئًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَعَلَّقَهُ عَلَى الْإِرَادَةِ وَالْوَاجِبُ لَا يُعَلَّقُ عَلَيْهَا؛ وَلِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ ذَبِيحَةٌ لَا يَجِبُ تَفْرِيقُ لَحْمُهَا فَلَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً كَالْعَقِيقَةِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» وَحَدِيثُ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ عَلَى أَهْلِ كُلِّ عَامٍ أَضْحَاةٍ وَعَتِيرَةٌ» فَقَدْ ضَعَّفَهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى تَأَكُّدِ الِاسْتِحْبَابِ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ كَحَدِيثِ «غُسْلُ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ» «وَمَنْ أَكَلَ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ، فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» (وَلَوْ) كَانَ الْمُسْلِمُ (مُكَاتَبًا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْ التَّبَرُّعِ لِحَقِّ سَيِّدِهِ فَإِذَا أَذِنَ فَقَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ (وَبِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ: سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ (فَلَا) تُسَنُّ لِلْمُكَاتَبِ (لِنُقْصَانِ مِلْكِهِ) .
(وَيُكْرَهُ تَرْكُهَا) أَيْ: الْأُضْحِيَّةُ (لِقَادِرٍ عَلَيْهَا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ وَمَنْ عَدِمَ مَا يُضَحِّي بِهِ اقْتَرَضَ، وَضَحَّى مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوَفَاءِ ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْعَقِيقَةِ.
(وَلَيْسَتْ) الْأُضْحِيَّةُ (وَاجِبَةٌ) لِمَا سَبَقَ (إلَّا أَنْ يَنْذِرَهَا) فَتَجِبُ بِالنَّذْرِ لِحَدِيثِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» (وَكَانَتْ) الْأُضْحِيَّةُ (وَاجِبَةً عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقِ (وَذَبْحُهَا) أَيْ: الْأُضْحِيَّةِ (وَلَوْ عَنْ مَيِّتٍ) وَيُفْعَلُ بِهَا كَعَنْ حَيٍّ.
(وَذَبْحُ الْعَقِيقَةِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهَا) وَكَذَا الْهَدْيُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي تُحْفَةِ الْوَدُودِ وَابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحَّى وَالْخُلَفَاءُ، وَلَوْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ أَفْضَلُ لَعَدَلُوا إلَيْهَا وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إلَى اللَّهِ مِنْ إرَاقَةِ دَمٍ، وَإِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَشْعَارِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ؛ وَلِأَنَّ إيثَارَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ يُفْضِي إلَى تَرْكِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ قَوْلِهَا " لَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِخَاتَمِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute