للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أُهْدِيَ إلَى الْبَيْتِ أَلْفًا " فَهُوَ فِي الْهَدْيِ لَا فِي الْأُضْحِيَّةِ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْهَدْيُ كَالْأُضْحِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْقَيِّمِ وَغَيْرِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ عَنْ الْأَثَرِ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ لَا يُعَارِضُ الْمَرْفُوعَ.

(وَلَا يُضَحَّى عَمَّا فِي الْبَطْنِ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الدُّنْيَا، إلَّا فِي الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ لَكِنْ يُقَالُ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَدْ يُسَنُّ إخْرَاجُ الْفِطْرَةِ عَنْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ لِفِعْلِ عُثْمَانَ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرَةِ: الطُّهْرَةُ، وَمَا هُنَا عَلَى الْأَصْلِ.

(وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ إذَا مَلَكَ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ) مَا يُضَحِّي بِهِ (فَلَهُ أَنْ يُضَحِّيَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ تَامٌّ عَلَى مَا مَلَكَهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ.

(وَالسُّنَّةُ: أَكْلُ ثُلُثِهَا وَإِهْدَاءُ ثُلُثِهَا ثُلُثِهَا وَلَوْ لِغَنِيٍّ وَلَا يَجِبَانِ) أَيْ: الْأَكْلُ وَالْإِهْدَاءُ «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحَرَ خَمْسَ بَدَنَاتٍ وَقَالَ: مَنْ شَاءَ فَلْيَقْتَطِعْ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُنَّ شَيْئًا» ؛ وَلِأَنَّهَا ذَبِيحَةٌ يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ فَلَمْ يَجِبْ الْأَكْلُ مِنْهَا كَالْعَقِيقَةِ، فَيَكُونُ الْأَمْرُ لِلِاسْتِحْبَابِ.

(وَيَجُوزُ الْإِهْدَاءُ مِنْهَا) أَيْ: الْأُضْحِيَّةِ (لِكَافِرٍ، إنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا) قَالَ أَحْمَدُ نَحْنُ نَذْهَبُ إلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ " يَأْكُلُ هُوَ الثُّلُثُ، وَيُطْعِمُ مَنْ أَرَادَ الثُّلُثَ، وَيَتَصَدَّقُ بِالثُّلُثِ عَلَى الْمَسَاكِينِ " قَالَ عَلْقَمَةُ " بَعَثَ مَعِي عَبْدُ اللَّهِ بِهَدْيِهِ، فَأَمَرَنِي أَنْ آكُلَ ثُلُثًا وَأَنْ أُرْسِلَ ثُلُثًا إلَى أَهْلِ أَخِيهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِثُلُثٍ " فَإِنْ كَانَتْ وَاجِبَةً لَمْ يُعْطِ مِنْهَا الْكَافِرَ شَيْئًا كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ (وَالصَّدَقَةِ بِثُلُثِهَا، وَلَوْ كَانَتْ) الْأُضْحِيَّةُ (مَنْذُورَةً أَوْ مُعَيَّنَةً) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي صِفَةِ أُضْحِيَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «وَيُطْعِمُ أَهْلَ بَيْتِهِ الثُّلُثَ، وَيُطْعِمُ فُقَرَاءَ جِيرَانِهِ الثُّلُثَ، وَيَتَصَدَّقُ عَلَى السُّؤَالِ بِالثُّلُثِ» رَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى فِي الْوَظَائِفِ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: ٣٦] وَالْقَانِعُ: السَّائِلُ، يُقَالُ: قَنَعَ قُنُوعًا إذَا سَأَلَ وَالْمُعْتَرُّ: الَّذِي يَعْتَرِيك، أَيْ: يَتَعَرَّضُ لَك لِتُطْعِمَهُ، وَلَا يَسْأَلُ فَذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ وَمُطْلَقُ الْإِضَافَةِ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِأَفْضَلِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: ٢٦٧] .

(وَ) أَنْ (يُهْدِيَ الْوَسَطَ، وَ) أَنْ (يَأْكُلَ الْأَدْوَنَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>