عَدُوَّك مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إلَى إحْدَى ثَلَاثٍ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوك إلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ: اُدْعُهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوك فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ فَإِنْ هُمْ أَبَوْا فَادْعُهُمْ إلَى إعْطَاءِ الْجِزْيَةِ فَإِنْ أَجَابُوك فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ أَبَوْا فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَقَيَّدَ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ شَمْسُ الدِّينِ (ابْنُ الْقَيِّمِ وُجُوبَهَا) أَيْ: الدَّعْوَةِ لِمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ (وَاسْتِحْبَابَهَا) لِمَنْ بَلَغَتْهُ (بِمَا إذَا قَصَدَهُمْ) أَيْ: الْكُفَّارَ (الْمُسْلِمُونَ أَمَّا إذَا كَانَ الْكُفَّارُ قَاصِدِينَ) الْمُسْلِمِينَ بِالْقِتَالِ (فَلِلْمُسْلِمِينَ قِتَالُهُمْ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ دَفْعًا عَنْ نُفُوسِهِمْ وَحَرِيمِهِمْ) .
(وَأَمْرُ الْجِهَادِ مَوْكُولٌ إلَى الْإِمَامِ وَاجْتِهَادِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِحَالِ النَّاسِ وَبِحَالِ الْعَدُوِّ وَنِكَايَتِهِمْ؛ وَقُرْبِهِمْ وَبُعْدِهِمْ.
(وَيَلْزَمُ الرَّعِيَّةَ طَاعَتُهُمْ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] وَقَوْلُهُ {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: ٦٢] (وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْتَدِئَ) الْإِمَامُ (بِتَرْتِيبِ قَوْمٍ فِي أَطْرَافِ الْبِلَادِ، يَكْفُونَ مَنْ بِإِزَائِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَيَأْمُرُ بِعَمَلِ حُصُونِهِمْ، وَحَفْرِ خَنَادِقِهِمْ وَجَمِيعِ مَصَالِحِهِمْ) ؛ لِأَنَّ أَهَمَّ الْأُمُورِ الْأَمْنُ وَهَذَا طَرِيقُهُ.
(وَيُؤَمِّرُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ أَمِيرًا، يُقَلِّدُهُ أَمْرَ الْحَرْبِ، وَتَدْبِيرَ الْجِهَادِ، وَيَكُونُ) الْأَمِيرُ (مِمَّنْ لَهُ رَأْيٌ وَعَقْلٌ وَخِبْرَةٌ بِالْحَرْبِ، وَمَكَايِدِ الْعَدُوِّ، مَعَ أَمَانَةٍ، وَرِفْقٍ بِالْمُسْلِمِينَ، وَنُصْحٍ لَهُمْ) لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ مِنْ إقَامَتِهِ (وَيُوصِيهِ) أَيْ: يُوصِي الْإِمَامُ الْأَمِيرَ إذَا وَلَّاهُ: بِتَقْوَى اللَّهِ فِي نَفْسِهِ، وَ (أَنْ لَا يَحْمِلَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَهْلَكَةٍ وَلَا يَأْمُرَهُمْ بِدُخُولِ مَطْمُورَةٍ يُخَافُ أَنْ يُقْتَلُوا تَحْتَهَا) .
لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ السَّابِقِ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ: حَمَلَهُمْ عَلَى مَهْلَكَةٍ، أَوْ أَمَرَهُمْ بِدُخُولِ مَطْمُورَةٍ يُخَافُ أَنْ يُقْتَلُوا تَحْتَهَا (فَقَدْ أَسَاءَ، وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ) أَيْ: يَتُوبُ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، لِوُجُوبِ التَّوْبَةِ مِنْ كُلِّ مَعْصِيَةٍ (وَلَا عَقْلَ) أَيْ: دِيَةَ (عَلَيْهِ، وَلَا كَفَّارَةَ إذَا أُصِيبَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِطَاعَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بِاخْتِيَارِهِ (فَإِنْ عُدِمَ الْإِمَامُ لَمْ يُؤَخَّرْ الْجِهَادُ) لِئَلَّا يَسْتَوْلِيَ الْعَدُوُّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَتَظْهَرَ كَلِمَةُ الْكُفْرِ (وَإِنْ حَصَلَتْ غَنِيمَةٌ قَسَمُوهَا عَلَى مُوجِبِ الشَّرْعِ) كَمَا يَقْسِمُهَا الْإِمَامُ، عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ قَالَ الْقَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute