(وَتُؤَخَّرُ قِسْمَةُ الْإِمَاءِ حَتَّى يَقُومَ إمَامٌ) ، فَيَقْسِمُهَا (احْتِيَاطًا) لِلْفُرُوجِ.
(فَإِنْ بَعَثَ الْإِمَامُ جَيْشًا) أَوْ سَرِيَّةً (وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا فَقُتِلَ أَوْ مَاتَ) الْأَمِيرُ (فَلِلْجَيْشِ أَنْ يُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ) كَمَا فَعَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَيْشِ مُؤْتَةَ، لَمَّا قُتِلَ أُمَرَاؤُهُمْ، أَمَّرُوا عَلَيْهِمْ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَبَلَغَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَضِيَ أَمْرَهُمْ، وَصَوَّبَ رَأْيَهُمْ وَسَمَّى خَالِدًا يَوْمَئِذٍ سَيْفَ اللَّهِ (فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَتَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ دَفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] (وَلَا يُقِيمُونَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ إلَّا مَعَ أَمِيرٍ) يُقِيمُونَهُ، أَوْ يَبْعَثُهُ الْإِمَامُ إلَيْهِمْ.
(وَيُسَنُّ الرِّبَاطُ) نَصَّ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ سَلْمَانَ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «رِبَاطُ لَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، فَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ مَرْفُوعًا «كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إلَّا الْمُرَابِطَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَنْمُو لَهُ عَمَلُهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَيَأْمَنُ مِنْ فَتَّانِ الْقَبْرِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(وَهُوَ) أَيْ: الرِّبَاطُ (الْإِقَامَةُ بِثَغْرٍ تَقْوِيَةً لِلْمُسْلِمِينَ) مَأْخُوذٌ مِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يَرْبِطُونَ خُيُولَهُمْ وَهَؤُلَاءِ يَرْبِطُونَ خُيُولَهُمْ، كُلٌّ يُعِدُّ لِصَاحِبِهِ، وَالثَّغْرُ: كُلُّ مَكَان يُخِيفُ أَهْلُهُ الْعَدُوَّ وَيُخِيفُهُمْ، أَيْ: الرِّبَاطُ (وَأَقَلُّهُ سَاعَةٌ) قَالَ أَحْمَدُ يَوْمٌ رِبَاطٌ وَلَيْلَةٌ رِبَاطٌ وَسَاعَةٌ رِبَاطٌ (وَتَمَامُهُ) أَيْ: الرِّبَاطِ (أَرْبَعُونَ يَوْمًا) قَالَهُ أَحْمَدُ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ لِحَدِيثِ: «تَمَامُ الرِّبَاطِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا» رَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ فِي كِتَابِ الثَّوَابِ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ أُوَافِقَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي أَحَدِ الْمَسْجِدَيْنِ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ رَابَطَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الرِّبَاطَ " رَوَاهُ سَعِيدٌ.
(وَإِنْ زَادَ) الرِّبَاطُ عَلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا (فَلَهُ أَجْرُهُ) كَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ (وَهُوَ) أَيْ: الرِّبَاطُ (بِأَشَدِّ الثُّغُورِ خَوْفًا: أَفْضَلُ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْوَجُ، وَالْمَقَامُ بِهِ أَنْفَعُ.
(وَ) الرِّبَاطُ (أَفْضَلُ مِنْ الْمَقَامِ بِمَكَّةَ) ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إجْمَاعًا (وَالصَّلَاةُ بِهَا) أَيْ: بِمَكَّةَ (أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ بِالثَّغْرِ) قَالَ أَحْمَدُ: فَأَمَّا فَضْلُ الصَّلَاةِ فَهَذَا شَيْءٌ خَاصَّةُ فَضْلٍ لِهَذِهِ الْمَسَاجِدِ.
(وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ أَهْلِ الثَّغْرِ نَقْلُ أَهْلِهِ مِنْ الذُّرِّيَّةِ وَالنِّسَاءِ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute